225: لبنان المذود بين هيرودس وبيلاطس

الْحلقة 225: لبنان المذود بين هيرَوْدُس وبيلاطُس
(الْجمعة 24 كانون الأول 2004)

ننتظرُكَ أن تولد هذه الليلة، وأنت على صورة وطني لبنان. فأنت وُلِدْتَ على مذود قش مُحاطاً بخطر هيرودس، ووطني يولدُ كل يوم مُحاطاً بأخطار الهيرودسات. أنت ستمشي جلجلة العذاب محاطاً بحكم بيلاطس، ووطني يُصلَب كل يوم محاطاً بأخطار البيلاطسات.
وستكون لك، يا طفل المغارة، علاقة وثقى بوطني لبنان. فحين ستكبَر، سيعمّدك يوحنا بمياه نهر الأردن المتحدِّرة من ذوب ثلوج حرمون الذي في لبنان، وحين ستبشِّر ستحضر عرساً وتُجري أولى أعاجيبك ويؤمن بك تلاميذُك كما سيقول يوحنا الإنجيلي، ويكون أن ذلك سيجري خلال عرس أحد أبناء قانا التي في لبنان، ويكون أنك ستزور صيدا وصور اللتين في لبنان، ويكون أن تلتقي المرأة الكنعانية في صربتا وهي الصرفند التي في لبنان.
بلى، يا طفل المغارة، تولد هذا المساء فتبدأ حياتك الأرضية على مذودٍ من خشبة، لتنتهي حياتك على صليبٍ من خشبة، وتمضي حياتك مشعاً بالمعرفة الروحانية السماوية، فما أصعب حياتك بين خشبتين. ومثلُكَ طني مصلوبٌ بين خشبتين، خشبة المذود وخشبة الصليب، وبينهما تَجري حياةُ وطني مشعاً بالمعرفة الإبداعية التراثية الأرضية العليا.
يا طفل المغارة: مثلُك وطني، يولد مثلَك كلَّ يومٍ على الشوك والقش، ويرتقي مثلَك كل يومٍ جلجلةَ يهود الداخل ويهود الخارج، ويخان مثلَك بحثالة فريسيين وكتبةٍ من بعض أبنائه، ويُصلَب مثلَك كل يوم بمسامير جلادين من أهل البيت، ويطعن مثلَكَ كل يومٍ بحربة الاستزلام والعقوق، ويُسقى مثلَك كلَّ يوم إسفنجةَ خَلّ بيد من يشربون من خيراتك، ويَصرخ يصرخُ كلَّ يوم: “أغفر لهم يا أبتاه لأنهم يعرفون ماذا يفعلون”.
يا طفل المغارة، في ولادتك حاصرك هيرودس واحد، وفي صلبك جلدَك بيلاطسٌ واحد، لكن وطني يعرف لولادته اليومية عشرات الهيرودُسيين، ويعرف في صلبه اليومي عشرات البيلاطسيين.
يا طفل المذود الذي سيولد الليلة، وطني الذي مثلُك، سيبتهج بولادتك هذه الليلة، ويرتّل لك، ويصلّي لك، ويبتهل إليك طالباً أن ترعاه ببراءتك الطفولية، ليجتاز جلجلته محتملاً كرباج جلادين من أبنائه العقوقين، فَخَلِّ عينَك على وطني.
يا طفلَ المغارة الإلهَ والإنسان، خلِّ عينَك… على لبنان.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*