الحلقة 214: بين الورق الْمُكَرَّر والْمَسؤولين الْمُكَرَّرين
(الخميس 9 كانون الأول 2004)
بعد حلقة الخميس الماضي حول ضرورة استخدام الأكياس الورقية في السوبرماركات بدل أكياس النايلون البلاستيكية، اتصل بي صديق يُخالف رأيي معتبراً أن الأكياس الورقية تفترض قطع الأشجار. وحرصاً مني على الأمانة المهنية الصحافية الإعلامية، اتّصلتُ بالسيدة الجامعية الثقيفة التي كانت اقترحت عليّ موضوع الأكياس الورقية، فأفادتني بالآتي:
أولاً: أكياس النايلون البلاستيكية تؤذي البيئة لأنها لا تتحلل وتتفتت إلاّ بسنواتٍ طويلةً، بينما الأكياس الورقية أو القماشية تتفتت بسرعة وتتحلل وتحترق ولا تؤذي التربة ولا البيئة، وفي لبنان مَحالُّ كبرى تعطي زبائنها أكياساً ورقية أو قماشية.
ثانياً: الدول الغربية تستعمل الأكياس الورقية لأن عندها مساحاتٍ شجريةً واسعة، تُحافظ عليها وتعيد تشجيرها ولكنها تصنّع الورق المكرر من دون قطع الأشجار. ومن يريد اقتناء أكياس النايلون البلاستيكية يشتريها فيرى عليها عبارة “لا ترموا هذا الكيس بل استخدِموه للنفايات”، وبشراء أكياس النايلون البلاستيكية يخف استعمالها من الجميع.
ثالثاً: في لبنان أوراق صحية مصنَّعة من الورق المكرر، مائلةٌ الى السمرة ومكتوب عليها “مصنَّع من الورق المكرر لا من الأشجار”، وعليها عبارة “صنع في لبنان”، وهي أرخص من الأوراق الصحية العادية البيضاء التي يقتنيها المواطنون ترفاً أو إشاحة عن الورق المكرر.
رابعاً: على الأكياس الورقية في الغرب عبارة “لا ترموا هذا الكيس، بل استعملوه أكثر من مرة، تساعدوا على نظافة البيئة والطبيعة، ثم ارموه في مستوعبات إعادة التكرير”.
خامساً: في الغرب صناديق نفايات من الكرتون مخصصة للورق الذي يُجمَع ويتحوَّل الى مصانع تعيد تصنيعه ورقاً مكرراً لاستعمالات مختلفة. وهذا يحصل عندنا في بعض الجامعات الكبرى.
هكذا، أيها الصديق الذي اتصل مشكوراً للتعليق، ويا الأصدقاءُ المستمعون، عمّموا على المواطنين حولكم، ولتعَمّم وزارةُ التربية في برامجها ومدارسها، والمدارس الخاصة في صفوفها، ووزارةُ البيئة في منشوراتها ومؤتمراتها، أنّ الأكياس الورقية لا تؤذي طبيعتنا ولا تربتنا ولا بيئتنا، ولتُكْثِرْ مدارسُنا وجمعياتُنا الأهلية من حملات التشجير. وطالما عندنا في لبنان مصانعُ للورق الْمكرر، فلنجمع الأوراق في صناديقَ ومستوعباتٍ خاصة بالورق المستعمل، ولتذهبْ الى تلك المصانع، فيكثرْ عندنا الورق المكرر لاستخدامات مختلفة، وننقذْ بيئتنا وطبيعتنا وتربتنا بالورق المكرر، طالما أننا، حتى إشعار آخر، لا نستطيع أن نَحصل على… مسؤولين مكَرَّرِين.