الحلقة 201: رقم قياسي لبناني عالمي: جل بطاطا طوله 10 كيلومتر
(الاثنين 22 تشرين الثاني 2004)
لو كان في موسوعة “غينيس” للأرقام القياسية جائزة لأطول جل بطاطا في العالَم، لكان لبنان فاز بها، على قطعة الأوتوستراد الْممتدّة من جسر المعاملتين الى جسر بيروت، لِما فيها من تشققات وعلوات ووهدات وريغارات وحُفَر وقنوات وفجوات وسواقٍ وآبارٍ وترجرجات وريغارات وبقايا آثار شظايا قذائف منذ الْحرب اللبنانية الأولى (على وزن الْحرب العالَمية الأُولى)، وما زالت الطريق هي هي منذ انتهت الْحرب قبل أربع عشرة سنة.
مع أن هذه القطعة من الأوتوستراد، بين جسر المعاملتين وجسر بيروت، ليست في رأْس الْجرد لا يمر عليها غير الدواب، بل هي شريانٌ حيوي في المواصلات اللبنانية. فهي طريق رئيس الحكومة من بيته في عاصمة الشمال، وهي طريق نائب رئيس الحكومة من بيته في بينو في عكار، وهي طريق وزير الداخلية من بيته في زغرتا، وهي طريق وزير التربية من بيته في طرابلس، وهي طريق وزير التنمية الإدارية من بيته في بشرّي، وهي طريق وزير الاتصالات من بيته في جبيل، وهي طريق وزير السياحة من بيته في جونيه، وهي طريق وزير دولة في كسروان، وهي طريق معظم أعضاء المجلس النيابي من نواب عكار وطرابلس والبترون وجبيل وكسروان والمتن، وهي طريق معظم المسؤولين الحاليين والسابقين والمتهيِّئين لانتخابات أيار، وهي طريق آلاف الآلاف من المواطنين اللبنانيين الذين كسّروا سياراتهم على هذا الأوتوستراد الذي أصبح جلّ بطاطا ولم يعُد شكل أوتوستراد.
أعرف أنني أثرت هذه النقطة في “نقطة على الحرف” سابقة، غير أنني سأظل أُطلق عليها نقطة على الحرف، لأن النقطة على الصخرة، حين تطلق على النقطة نفسها وفي الإيقاع المتكرر نفسه، تَحفر في هذه الصخرة أُخدوداً عميقاً، حتى لو كان هذه الصخرةُ صلدةً صمّاء كحكوماتنا المتعاقبة علينا منذ سنوات، ولا تزفّت بقع طرقاتنا مثلما تزفّت البقعة التي يحتفل عليها المسؤولون الاستعراضيون باستعراض عيد الاستقلال.