الْحلقة 195: انطباعات من عمّان (الجزء الثاني): حين تتحول العاصمة واحات ثقافية
(الْجمعة 12 تشرين الثاني 2004)
وفي عمان، زرنا مركز الْحسين الثقافي، وهو مقرٌّ لائق وفخم، يتّسع لأكثر من فعالية في وقت واحد، كما زرنا الْمركز الثقافي الْملكي، ويتّسع هو الآخر لفعاليات ثقافية مسرحية وموسيقية ومنبرية في آنٍ معاً.
وفي عمّان كذلك بيت الشعر، أُسوةً بِما نعرفه عن بعض العواصم العربية مثل تونس والدوحة والْجزائر، فيها بيت الشعر تموّله وزارة الثقافة ويديره مثقفون ضالعون وخبراء.
وفي عمان، طبعاً، زرنا مكتب مهرجان جرش الذي أصبح مؤخراً ذا مردود للدولة محترم، بعدما تَمَّ تصنيعه ثقافياً وفنياً ليكون قطباً يشدُّ إليه الْمثقفين والْمبدعين من الدول العربية والعالَمية.
ولن أُطيل التعداد، فاللائحة طويلة، والحركة الثقافية في عمان ناشطة ومزدهرة، ترعاها وزارة الثقافة بدعم وافٍ فتظل الفعاليات الثقافية متواصلةً بدون توقُّف، ليقينٍ من الدولة أن الثقافة ذاتُ مردودٍ غير مالي لكنه أغنى وأعلى من الْمردود الْمالي. فالثقافة هي التي ترسم صورة الوطن داخلاً وخارجاً على أبهى صورة. الثقافة مصروفٌ مادي زهيدٌ ذو مردود معنوي كبير، وسائر مشاريع الدولة، مصروفٌ مادي كبير ذو مردود زهيد.
ومع تقديرنا لِما تقوم به الدولة عندنا في تحسين البنية التحتية، غير أن صورتها تظل تحتيةً حتى تتنبّه الى العمل الإبداعي الذي يرفعها الى صورة فوقية تنصّع صورة لبنان.
في كل بلاد طرقاتٌ وأبنية ومطارات، إنما التميُّزُ يكون بالفرادة الإبداعية لكل بلد. وهو هذا ما تنبّه له الأُردن، فإذا في عمان باستمرارٍ مهرجاناتٌ مسرحية وتلفزيونية ومنبرية أدبية، تجعل عمان ملتقى النخبة المثقفة من كل العالم.
أهمية وزارة الثقافة أن تكون واعيةً ذاتَ ميزانية لائقة، فتجعلَ الدولة في الصورة الأنصع.
كنتم معي، أمس واليوم، في انطباعات ثقافية من هنا، من عمّان. إليكم بيروت.