الحلقة 158: انطباعات من برشلونة (الجزء الثالث): إذا وُجِدت الخارطة، فأين أسماء الشوارع؟
(الأربعاء 22 أيلول 2004)
… وفي برشلونه أيضاً، أول ما بلغناها، كما طبعاً في أية مدينةٍ أو عاصمةٍ عالَمية، أخذنا خريطةً مفصَّلةً للمدينة، كي يسهُلَ علينا التنقُّل في أرجائها ومعالِمها، فلا نضيع ذهاباً أو إياباً. وهكذا نعرف فوراً أين نَحن، من نظرةٍ إلى ناصية الشارع، حيث اسمه على بلاطة أو لافتة، ونَِجده فوراً على الخارطة، فنعرف كيف نتوجّه. ولفتني أنْ ليس في المدينة شارعٌ واحدٌ لا اسم عليه، وهذا بديهيٌّ وطبيعيٌّ ولا يَحتاج إلى اندهاش أو تعليق. غير أنني أُقارن بين ما اراه هنا وما عندنا في بيروت. فهل عندنا خارطةٌ للمدينة مفصَّلةٌ تدُلُّ السائح على الشوارع ومعالِمها ونقاط الجذب فيها حتى يتنقّل في بيروت بسهولة في الباص من دون أن يسأل أو من دون أن يتّكل على سائق التاكسي الذي قد لا يكون يعرف شوارع المدينة ومعالِمَها؟
وكيف يُمكن أن تفيدَ الخارطةُ السائحَ، لو وُجِدت، ومعظمُ شوارعنا ليس عليها اسمٌ ولا رقمٌ، ويستدلُّ عليها المواطنون من مَحل النوفوتيه على الزاوية، أو من دكان الفلافل؟
إن الخرائط ضرورةٌ أُولى للسياح، لا لأسماء الشوارع وحسْب، ولا للاستدلال على التوجُّه وحسْب، بل للمعالم السياحية التي هي هي نقطة جذبٍ للسياح، فلا نترُكهم لأريَحية سائق تاكسي، ولا ندعُهم يواجهون المواطنين بأسئلةٍ قدر يكون المواطنون دوماً جاهزين للإجابة عنها.
أسماء الشوارع ومعالِمها السياحية والتاريْخية والأثرية والفنية والمتاحفية المتنتوّعة، تغمرنا هنا في برشلونه، فلا نسأَل بل نتوجَّه، ونعود مزوّدين بِما كنا نبحث عنه وعرفناها.
وهذه أيضاً بداهةٌ لا تَحتاج إلى تعليق، لولا أنني أُعاين كل هذا هنا في برشلونه، فيغُصُّ قلبي ألاّ يبادرني أحدٌ هنا ويقول لي: “طبعاً عندكم مثلُ هذا في بيروت”.
والى اللقاء غداً في انطباعٍ آخرَ من هنا، من برشلونة… إليكم بيروت.