الحلقة 95: أنيسة نجار وخميرة البركة
(الجمعة 25 حزيران 2004)
كان ذلك من نصف قرنٍ ويزيد، يوم ظهرت عام 1951 سيّدتان من لبنان أطلقتا “جمعية إنعاش القرية”: إيفلين بسترس، وأنيسة روضة نَجار.
أما إيفلين، فتركت بصماتها أدباً ومآثر، وغابت قبل سنوات، وبقيت لنا أنيسة نَجار نبضةً تنضح بالبركة.
غداً، السبت، نعيّد مع “الست أنيسة” عامها الواحد والتسعين.
يا ما شاء الله! ولتعيشي طالَما تليق لك الْحياة، على مقولة أحبابنا بني معروف. وإنّ الْحياة تليق تليق لـ”الست أنيسة” التي لا تزال في ربيع طموحها الى رقي الْمرأة اللبنانية، وتطوير وضع الْمرأة الريفية التي كرّست لها “الست أنيسة” عمرها الْخيّر، حتى تَجعل لها خصوصية تربوية واجتماعية وثقافية وحرفية ومهنية، فلا تلوذ الى الْمدينة هاجرةً بَرَكة الريف، ولا تصهرها الْمدينة بطاحونِها الدردور فتفقد العودة الى ريفها الغالي.
أنيسة نَجار، وهي رافقت زوجها فؤاد نَجار خبيراً ووزيراً، لم تكن زوجةً وحسب، ولا أُمّاً لِخالد ومنى والشهيدة سناء وحسب، بل هي لا تزال أُمّ الْمرأة اللبنانية الريفية حتى تتحققَ البنوّة في الريف اللبناني قيادة نسائية حقيقيةً تضارع الرجلَ مسؤوليةً والتزاماتٍ وطنيةً وعيليةً عالية، تَجعلها الْمرأة اللبنانية القدوة.
وبين مدرسة دير كوشه ومطعمها الذي يتهيّأُ متاحاً للمرأة الريفية أن تطبخ وتعرض وتسوّق منتجاتها الريفية، تقف “جمعية إنعاش القرية” بقيادة فخرية من أنيسة نجار (بعد رئاستها الطويلة العامرة بالبركة والخير والإنتاج) لتكون جمعيةً رائدةً في لبنان، لا لإنعاش القرية وحسب، بل لإنعاش الْمرأة اللبنانية في كل صقع من تراب لبتان.
أنيسة نَجار، “الست أنيسة”، يا خميرة البركة، زيدينا من خيركِ الْحالي بتجارب السنين، ومبروكٌ لكِ، غداً، عيدُك الواحد والتسعون.
ولو كان لنا، لتحلّقنا غداً حولكِ خاشعين، متعلمين منك كيف تكون خميرة البركة، وكيف تفيض الخميرة على خبز الحياة لتجدّد فينا قمح العافية الذي منه وحده نستاهل أن نستحقّ الْحياة.