الحلقة 89: طرقاتنا لسياحة الصيف أم صحارَى للخطر؟ (الْجزء الرابع)
(الْخميس 17 حزيران 2004)
أخبرني صديق كان يستقل سيارة تاكسي في مونريال، أن بوليسَ سير واقفاً الى جانب الطريق أشار الى سائق التاكسي بالوقوف، ففعل السائق بأعصاب باردة، فيما اندهش الصديق من الأمر، فالسرعة ضمن المسموح، وحزام الأمان موضوع. ولدى توقف السيارة، اقترب البوليس من السائق وطلب إليه أن يفتح له صندوق السيارة. فترجّل السائق وفعل، وسرعان ما عاد، بأعصاب باردة دائماً، وواصل السير. استفهم صديقي فأجاب السائق أن هذا أمر مألوف أن يطلب بوليس السير الكشف على صندوق السيارة، فحتى صندوق السيارة نظافته مفروضة، من أجل راحة السائح ورفاهه، وشعوره بنظافة السيارة داخلِها وخارجها وحتى صندوقها.
فأين بوليس السير عندنا من التاكسيات على طرقاتنا؟ طبعاً لا أُعمّم. فعندنا تاكسيات أنيقة ونظيفة، خصوصاً تلك المتعاقدة مع مكاتب مرتبة أو التابعة لها.
والباقي؟ ماذا عن الباقي؟ أين رجال شرطة السير من تاكسيات مقرفة الخارج والداخل والسائق معاً؟ فالخارج مضروب أو مهترئ، والداخل موسخ بتراكم السنوات ورائحة الدخان النتنة، ونوافذ السيارة مربوطة بخيطان وأبوابها مشدودة بأسلاك، والسائق لم يحلق ذقنه منذ أيام، ورائحته عرق ونتْنُ دخان، وثيابه غير لائقة وقدماه في نعل مفتوح لا في حذاء مقفل. وطبعاً ليس في السيارة عدّاد كي يتبين السائح مقدار البدل الذي يخضع غالباً لمزاج السائق اعتباطاً، أو اختلاساً، أو استغلالاً للسائح سلخاً له باعتباره آتياً ليصرف أمواله في لبنان.
لهذا بقي واحداً عنوان حلقاتنا طوال هذا الأُسبوع: طرقاتنا لسياحة الصيف أم صحارَى للخطر؟ فمن واجبات الدولة أيضاً، كي تشجع السياحة وتُبعد السياح عن الأخطار والصدَمات، ألاّ تتركهم عرضة لتاكسيات مقرفة، ولا لسائقين استغلاليين، ولا لصدمةٍ أُولى يتلقاها السائح أحياناً عند اتّخاذه أول تاكسي من مطار بيروت.
وغداً لنا موعدٌ آخَر لنواصل الْموضوع.