الحلقة 88: طرقاتنا لسياحة الصيف أم صحارَى للخطر؟ (الْجزء الثالث)
(الأربعاء 16 حزيران 2004)
أسعدَنا كثيراً ما سمعناه في الأخبار أمس الثلثاء عن أرقام مشرقةٍ وزّعها قسم الإحصاء في وزارة السياحة، من بلوغ سياحنا حتى نهاية أيار الْماضي نحو ثلث مليون سائح، بين عرب وأوروبيين وآسيويين وحتى أميركيين، بزيادة 49% عن معدل العام الْماضي في الفترة نفسها.
غير أنّ ما لفتنا كذلك في أخبار أمس، ذِكْرُ وكالة فيتش الدولية أنّ دولتنا لا تأْخذ إجراءاتٍ مهمّةً ولا تدابيرَ صارمةً لغياب الإرادة السياسية.
خبران متناقضان، أولهما مفرح: حضور السياح، والآخر مغضب: غياب التدابير الصارمة، وإذا السائح لا يهمّه المطبخ السياسي الداخلي، فعلى الأقل يهمه أن تكون طرقات لبنان محمية بتدابير صارمة، فتصبح آمنةً لسياحته الهانئة.
فهل طرقاتنا مؤهّلةٌ بحزمٍ لسياحته الهانئة؟
كيف نغري السائح بقيادة السيارة، ومعظم مفارقنا في الْمدينة والمصايف، من دون إشارات سير، ولا حتى بوليس يؤمن الْمرور؟
كيف نشجع السائح على ارتياد مناطقنا الْجبلية والساحلية حين أكثر الطرقات إليها جلالي بطاطا أو قنواتٌ انتعشت حتى صارت مهاوير، أو حفرٌ ازدهرت حتى تحوّلت الى آبار وسط الطريق؟
كيف نشجع السائح على السياحة الليلية في لبنان حين معظم طرقاتنا في الليل غابات آمازونية ليس فوقها كهرباء ولا عليها خطوط بيض ولا تحتها زفت متساوٍ بدون مفاجآت داهمةٍ تفك رقبة السيارة ومن فيها.
كيف نشجع السائح على الخروج في نزهة مع عائلته، حين لا بوليس سير ولا بوليس بلدية ولا دورية عابرة تضبط رعونة شبابنا في القيادة والتشفيط وتشكيل خطر على السلامة العامة؟
بلى… تطول الليستة… تطول… وما نقوله، لا لكي ننقّز السائح، بل لكي ننقّزَ الدولةَ التي تريد أن يأتينا السياح، ولا تؤمن طرقاتٍ آمنةً وسليمةً لهؤلاء السياح.
والأمان والسلام لا يكونان إلاّ بحضور هيبة الدولة على الطرقات، وبحزم رجالها في ضبط المخالفات، وهذا ما يطمئن السائح الى سياحة هانئة على طرقات لبنان.
وغداً لنا موعدٌ آخَر لنواصل الْموضوع.