الحلقة 87: طرقاتنا لسياحة الصيف أم صحارَى للخطر؟ (الْجزء الثاني)
(الثلثاء 15 حزيران 2004)
بعد قصة أمس الاثنين، عمّن أعادا سيارتيهما الْمستأجرتين، لأنهما خافا من القيادة على طرقاتنا، هذه اليوم قصة أخرى أخبرنيها الفنان الياس الرحباني، أنه كان السبت الْماضي متوقفاً على الضوء الأحمر عند مدخل الوسط التجاري، قبالة مبنى “النهار”. وكان حدّه على عمود الإشارة تماماً بوليس سير أشوس واقفاً يتأمّل من يمرون ولا يتوقفون على الضوء الأحمر. وفجأة لمح الياس الرحباني فأسرع إليه يصافحه، حتى إذا قال الياس: “ألا ترى هؤلاء يمرون على الضوء الأحمر وأنت واقف؟” أجاب الشرطي: “يلاّ يا إستاذ. فوضى وينما كان. هلّق وقّفت القصه عليي؟ خليهُن يمرقو”.
فكيف نشرح هذا لسائح يأتينا هذا الصيف ونحن ننتظر الصيف موسم سياح وسياحة؟
كيف نشرح للسائح أن يرى بوليس سير يتساير مع رفيقه، والسير يسير على بركة الله وليس من ينظّمه؟
كيف نشرح لسائح يرى بوليس سير واقفاً يدخّن في وقت الْخدمة، أو يتحدث بالْخلوي ضاحكاً مسترسلاً في حديث حميم، والسير يسير على بركة الله وليس من ينظّمه؟
كيف نشرح لسائحٍ يرى بوليس سير يعلك في وقت الْخدمة، أو حاملاً مسبحة يطقطق بها كأنه في “قهوة القزاز”، أو يتحدث مع صديق له في سيارة على جانب الطريق، والسير يسير على بركة الله وليس من ينظّمه؟
كيف نشرح لسائح يرى بوليس سير واقفاً ضجران يتثاءب من تعبٍ أو ملل، ولا يوقف سائقاً مسرعاً، أو أرعنَ يسير زيكزاكياً أو يتحدّث بالْخَلَوي أو لم يضع حزام الأمان، وهي تجاوزاتٌ لا يضبطها إلاّ حاجز طيار لرجال الأمن الداخلي، ولا يضبطها رجال شرطة السير؟
ما حصل مع الياس الرحباني السبت الْماضي، يحصل معكم حتماً كل يوم، وتغضبون له حتماً كل يوم، وتتساءلون حتماً كل يوم: “بم نجيب سائحاً عن هذه الأسئلة، إن هو جاء يمضي عندنا موسم الصيف في سياحةٍ هانئةٍ كما يُمضيها في أيّ بلدٍ حضاريّ من العالم”؟.
بلى: هيبة الدولة، جُزء حيويٌّ أَساسيٌ من موسم السياحة في لبنان السياحة والاصطياف.
وغداً لنا موعدٌ آخَر لنواصل الْموضوع.