الحلقة 61: لا تجعلوا الأطفال دروعاً بشرية في سياراتكم
(الاثنين 10 أيار 2004)
يتباهى بأنه يحب طفله لدرجةِ أن يضعَه معه في السيارة، لا حدّه على المقعد بدون حزام الأمان، ولا وراءه على المقعد الخلفي بدون حزام الأمان، بل يضعه في حضنه بين صدره ومقود السيارة.
وفيما الطفل يضحكُ فرِحاً بالحالة، سعيداً بالمشهد، يكون الخطر جاثماً أمام السيارة في أية لحظة، والموت متربصاً عند أي انعطاف.
مشهد يتكرر أمامنا باستمرار، ولا من يحاسب. وغالباً ما يرى البوليس هذا المشهد، ولا يتحرك، وإذا تحرّك شيء فيه فرأْسُه استغراباً من هذا المشهد، كأن الأمر لا يعنيه، وكل ما يعنيه فيه أن يأسف لرعونة السائق الوالد الـبِلا مسؤولية ولا ضمير.
أيةُ رعونةٍ هذه، أن نعرّض الأطفال للموت بهذا الشكل؟ وأي والدٍ أخرَقَ هذا، يضع والده الى مقود السيارة ويضحك فرحاً بطفله متباهياً برعونته؟
وعبثاً أوجدَت التكنولوجيا مقاعدَ مخصصةً للأطفال، والمطابعُ ملصقاتٍ للسيارات تنبّه الى وجود طفل في السيارة، والمصانعُ مقاعدَ مخصصةً للأطفال تحتضن أحزمةَ أمانٍ واقيةً من الخطر، ومع ذلك نجد شاباً أرعن أخرقَ لامسؤولاً يضع طفله أمامه الى مقود السيارة.
أيضاً وأيضاً: هذا المشهد لا يمكن أن يحدث أو يحصل في أي بلدٍ من العالم، يخشى السائقون فيه من عقوبة بوليس السير. وطالما عندنا لا يزال بوليس السير مجرّد ديكور على الطريق، فستبقى طرقاتُنا سائبة، وسيبقى السائقون على مخالفاتهم، طيشاً بسرعةٍ مجنونة، أو بلاهةً برفع صوت الموسيقى حتى يقلقوا الحي وهم مارّون، أو رعونةً بوضع أطفالهم دروعاً بشريةً بينهم وبين المقود، حتى إذا صار ما صار، لا يجد الناس عند الفاجعة إلاّ الأسف، فيما يكون ذلك حصل، ولا ينفع بعدها البكاء وصرير الأسنان.