لبنان الدولي في عالمية اليونسكو
السبت 28 حزيران 2008
– 553 –
كان حَدَثاً دولياً كبيراً إعلانُ منظمة اليونسكو “بيروت 1999 عاصمة الثقافة العربية”. وسوف يكون حدثاً دولياً كبيراً إعلان اليونسكو “بيروت 2009 عاصمةً عالَمية للكتاب”. ها هي بيروت الحبيبة عاصمة عربية وعالَمية مرتين في عشر سنوات!
وبين يونسكو 1999 ويونسكو العام المقبل 2009، تَحتفل بيروت طوال هذا العام بالذكرى الستين (1948-2008) لتأسيس “اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو” (28/6/1948). وكان لبنان يومها بين أوائل الدول الأعضاء في منظمة اليونسكو التي أوعزت بتأسيس شبكة دولية فريدة لِهيئات وطنية، في نظام الأمم المتحدة، تُسهم في تَحقيق أهداف هذه المنظمة الدولية الراقية، وفي صياغة برامِجها والإشراف على تنفيذها. وكان للبنان، في السنة نفسها، شرفُ أن يشارك أيضاً في وضع “شرعة حقوق الإنسان” (صدَرت في 10/12/1948) بقلم ابنه الفذّ الدكتور شارل مالك.
ها هي إذاً، لَجنتُنا الوطنية، بعدما تعاقب عليها طوال ستة عقود رؤساء وأمناء عامّون وأعضاء من نُخبة النخبة في الفكر اللبناني، أثبتَت عملها الجاد وعطاءها الثريّ على أعلى المستويات، تعاوُناً مثمراً وفعّالاً وميدانياً مع المجتمع المدني اللبناني والدوائر الرسمية والمجتمع العربي والدولي، ملتزمةً بقيَم منظمة اليونسكو والمبادئ السامية التي نشأت لأجلها كي تُعَمِّمَ احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير والتنوُّع الثقافي والحوار الحضاري والتفاهم الدولي والتعاون بين الدول.
ولأن اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو رئيسة الشبكة الوطنية اللبنانية لِـ”مؤسسة آنّا ليند اليورومتوسطية للحوار الثقافي” انضمّت إلى حملة إقليمية أطلقتها المؤسسة بين أعضائها (37 دولة) حول “1001 نشاط للحوار” في سياق “2008 سنة الحوار الثقافي اليورومتوسطي”، لرفع مستوى الوعي عبر الحوار بين الثقافات وتعزيز العيش السلمي في المنطقة اليورومتوسطية.
لذا كان سامياً جداً احتفالُ اللجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو بالذكرى الستين هذا العام، لا باحتفال ولا بِمهرجان، بل ببلوغ “الآخَر” عقلاً وروحاً عبر الموسيقى لغة حوار ووسيلة تعبير، في أمسية موسيقية فريدة هي أضخم كونشرتو في تاريخ لبنان الموسيقي (“الموسيقى في حوار”- كنيسة القديس يوسف للآباء اليسوعيين- الجامعة اليسوعية- الجمعة 19 حزيران الجاري) قادها رئيس المعهد الوطني العالي للموسيقى (الكونسرفاتور) المايسترو الدكتور وليد غلمية جامعاً فيها، لأول مرة، 296 عنصراً على المسرح: 100 عازف من الأوركسترا السمفونية الوطنية اللبنانية، 51 عازفاً من الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق عربية، 145 منشداً من الكونسرفاتوار (65 من الكورس الشرقي، و80 من الكورس الغربي)، في حوار بين الموسيقى العالَمية (السمفونيا التاسعة لبيتهوفن) والموسيقى الشرقية (أعمال من زكي ناصيف ووديع الصافي ووليد غلمية).
ولا أبلغ، في هذا السياق، من افتتاح الأمينة العامة للّجنة الوطنية، السيّدة سلوى السنيورة بعاصيري ، تلك الأمسية الرائعة الفريدة، بقولها إن رسالة اللجنة هي “المحبة والتضامن والتفاعل الإنساني… حريةَ تعبير، احترامَ تنوُّع، بناءَ جسور وصل وتواصل لبلوغ التفاهم والتعاون، في حوار ثقافي توظِّفه اللجنة داخل الحدود وعبرها إلى الفضاء الأرحب، وصولاً إلى الآخر في اختلافه، لفهمه والتكامل معه، شريكاً في علاقات تفاعلية تَحكمها النّدّية والرحابة، ويسودها الاحترام المتبادل، زهواً بِحمل راية التربية والعلم والثقافة، في ظروف تتّسم بتحولات عميقة وتَحدّيات كبرى”.
صورة لبنان الحقيقي الدولية في العالم؟ هذه هي، على أناقتها الأروع. وهكذا بُناةُ لبنان الحقيقيون.
أيها السياسيون: إمّا هذه الصورة، أو لن تستاهلوها، فاخرُجُوا منها.