الخميس 16 شباط 2006
-440-
تواصل زوق مكايل توسُّعها الحضاري والمديني خارج نطاقها ونطاق لبنان. فبعد فوزها بجائزة الأونسكو العالمية “مدينة السلام للعالم العربي” سنة 1999 (حلَّت الإسكندرية عامئذٍ في المرتبة الثانية) وبجائزة الروتاري العالمية سنة 2003 متفوقة على مدن المنطقة الروتارية 2450 (مصر، السودان، الأردن، البحرين، قبرص، لبنان، الإمارات، جورجيا، أرمينيا)، ها هي تفوز بـ”جائزة تَجميل المدينة العربية” (في دورتها الثامنة) مع أبو ظبي (الإماراتية) والْخُبَر (السعودية)، جنباً الى جنب مع فوز دُبَيّ والدوحة وعمّان بـ”جائزة تَخضير المدينة العربية” والجائزتان تمنحهما “مؤسسة جائزة منظمة المدن العربية” (في الدوحة – قطر).
وبالمقارنة مع الرخاء في الإمكانات لدى المدن الفائزة (لغنى معظمها بموارد البترول أو الغاز الطبيعي) نجد زوق مكايل تبلغ ما تبلغه بما سوى إمكاناتها الضئيلة ومواردها الذاتية وعزم رئيس بلديتها المحامي نهاد نوفل الذي بات معروفاً عنه قوله “حققتُ” بدلاً من “أريد أن أُحقق”، واعتصامه بثالوث: الرؤية والإيمان والتصميم. ولعلّ هذا ما دفع العلاّمة الأب رينيه شاموسي رئيس الجامعة اليسوعية (خلال احتفال في البريستول قبل أسابيع لتكريم المميَّزين من خريجي كلية الإدارة والأعمال في الجامعة) الى القول إنّ “بلدية زوق مكايل عرفت كيف تفرض حضورها واحدةً من الأفضلِ أَداءً في لبنان بإشعاعها الدولي وإبداعيتها المدينية ورعايتها السكان، فتَبُزُّ زميلاتها البلديات في لبنان وتظلُّ في طليعتها”.
ومتى عرفنا شروط الترشُّح لجائزة تجميل المدينة (خطط التجميل، الأرصفة، الأنصاب، الجداريات، المجسَّمات، المواءمة مع البيئة، النباتات، المرتكزات التصميمية، كيفية ارتياد الأماكن المجمَّلة، المعايير الثقافية والتراثية والعلمية في التجميل، صيانة المآثر الجمالية والتراثية القائمة، مستلزمات الراحة للمرتادين، تجميل الميادين العامة، الدراسات الموضوعة للأعمال التجميلية، …) وقارنّـاها بِما تَحقَّق منها في زوق مكايل، لوجدنا هذه بلغَت أبعد بكثير من تلك الشروط، وعلى ثلاثة محاور:
1) التنمية السياحية: شارع عريض مرصوف عند خصر المنطقة البحرية ذات المسابح والمجمعات البحرية، يصل تلك المنطقة بالأوتوستراد العام.
2) التنمية التجارية والسكنية: تأهيل منطقة المطاعم والمؤسسات السياحية المحيطة، وورشة أرصفة وتشجير وإنارة.
3) التنمية الثقافية السياحية والمدنيات: السوق العتيق التاريخي الأسفل والأعلى (وإحياء “ليالي السوق العتيق” و”ليالي الميلاد في السوق العتيق” و”عيد العشاق في السوق العتيق”)، إنشاء المدرج الروماني (بدأت عليه مهرجانات زوق مكايل الدولية)، تحويل بيت الشاعر الياس أبو شبكة متحفاً شخصياً، ترقيم الشوارع والأبنية، اتّباع الأنظمة المرورية الدولية والحزم في التطبيق والإجراءات على المخالفين، تأسيس بيت الحرفي (معارض ومدرسة تدريب على الحرف اللبنانية)، توسيع المكتبة العامة، وقريباً “مركز الثقافة والشباب” (ميدياتيك، مسرح اختباري، مقهى أدبي، نادي سينما)، وقصر الرياضة والتسلية (على 25 ألف متر مربّع) وإنجازات أُخرى تُحَقِّقها البلدية بإمكاناتها الذاتية (وهي كانت أول بلدية في لبنان تبني ما سَمَّتْه “القصر البلدي”).
ومع وسام المغتربين وأوسمة وطنية كبرى لنهاد نوفل باسم زوق مكايل، يتبيّن أن المجتمع المدني لا يقوم بالشعارات وانتظار المساعدات بل برؤية مدنية وتصميم جادّ، فيتأكد ما كتبه غسان تويني (“النهار” 24/2/1997): “بلدية زوق مكايل صارت مضرب مَثَل في لبنان وخارجه، وليس ما يمنع جعلها نموذجاً نحتذيه ونعمِّمه”.