السبت 30 نيسان 2005
-405-
بدأت طلائعُ الفضائح اللبنانية تطفو على سطح أحداث (مدعومة بالوثائق) “اجترحها” لبنانيون تعاونوا مع سلطة الوصاية السورية خلال أعوامها الثلاثين في لبنان. نقولها في ألم كثير وحرقة كبيرة وغصّة من ينشر غسيله على السطح.
لكنّ عزاءنا في التعبير العلني عن الحرقة والألم والغصّة أن نضوّئ عليها كي نتعلّم نحن وكي يتنبّه جيل شبابنا التالي إلى أنّ اليوضاسيين موجودون في كل جيل، والقايينيين موجودون في كل عصر، والبيتانيين موجودون في كل وطن.
لن نتدخّل في شأن السوريين الذين يعرفون أكثر منا ما كان لهم وما كان عليهم خلال وجودهم على أرضنا. ولا شأن لنا مباشراً بهم لأن الزوج الذي “يضبط” زوجته تخونه مع جاره، يعرف أن حسابه ليس مع جاره لأن هذا سيجيبه فوراً: “علاقتُك ليست معي بل مع زوجتك التي وافقت أن تَخونك معي بكامل رضاها”. ويكون الجار على حق.
علاقتُنا إذاً ليست مع السوريين الذين نؤْمن أننا معهم جيران الحجر والبشر، وأنَّ بين الشعبين اللبناني والسوري مصاهراتٍ وتجاراتٍ ومصالح وصداقات لا يمكن أن يمسّها تحوّل، أياً يكن، في المجريات العسكرية والسياسية، وسيبقى اللبنانيون يردّدون مع سعيد عقل: “… وأنا لو رحتُ أسترضي الشذا لانتشى لبنانُ عطراً يا شآم”، ويردّدون مع عاصي ومنصور الرحباني: “ويا هوى من دمشقٍ لا يفارقني، سكناكَ في البال سُكنى اللونِ في العلَمِ”.
علاقتُنا هي مع أفراد من أهل البيت وصوليين انتهازيين مصلحجيين أساؤوا إلى البيت وإلى الأوصياء السوريين على البيت حين استقووا على إخوانهم اللبنانيين بسلطة الأوصياء فراحوا (طوال ثلاثين عاماً) يستزلمون واقفين على أبواب الأوصياء ويزحفون على جباههم الذليلة يسترضون الأوصياء (وأحياناً أزلام الأوصياء) كي يصِلوا إلى نيابة أو وزارة أو مديرية عامة أو وظيفة أو مسؤولية أو سفارة أو منصب أو عمل أو شغل أو تجارة أو رخصة أو زعامة أو مهنة أو استقواء أو سيطرة أو رُبح قضيّة أو تشاوُف أو ادّعاء،… كلُّ هذا والأوصياء السوريون كانوا كاشفين أمر أولئك الزحفطونيين الانتهازيين الاستغلاليين الرخيصين ويتعاملون معهم بازدراءٍ ولو خدموهم، وباحتقارٍ ولو أوصَلوهم.
هؤلاء المصلحجيون الوصوليون (من نسل لبنانيين تعاملوا مع العثمانيين أيام سفر برلك، وفرنسيين “بيتانيين” تعاونوا مع الألمان، ويوضاسيين يَخونون أهلهم، وقايينيين يقتلون أخاهم يوسف أو هابيل ويرمونه في البئر ويكْملون، ومُلجميين أشباه عبدالله بن ملجم قاتل الإمام عليّ العظيم) هم الذين يَجب ألاّ نرحمهم أو ننسى، حتى ولو كنا في زمن الفصح، ونستغفر السيِّد الذي يقوم غداً من الموت، لكنه، هو، طلب من أبيه في السماء أن يغفر لِمن “لا يدرون ماذا يفعلون” بينما الذين من أهل البيت عندنا كانوا يعرفون تماماً ماذا يفعلون وسنستعير سوطَ السيِّد نفسَه لنطردهم من الهيكل.
غداً سنقول: “المسيح قام. حقاً قام”، وسنغفر، كرمى له، سنغفر، لكننا لن ننسى، وسننقل تذكيرَنا من جيل إلى جيل كي لا يتناسل في جيل أبنائنا يوضاسيون وبيتانيون وملجميون وقايينيون، وكي يكونَ أمس (الجمعة العظيمة 30 نيسان) تاريخَ خلاص لبنان من جلجلة الوصاية الخارجية، وغداً (أحد الفصح) تاريخَ قيامة لبنان من موت ثلاثين عاماً إلى حريته الكاملة لثلاثين مرةً ثلاثين عاماً، فنستاهل أن نتبادلَ التهانئ غداً قائلين بكل ثقة واطمئنان: “لبنان قام… حقاً قام”.