السبت 8 كانون الثاني 2005
-389-
ليست هذه قراءةً في كتاب المستشرق الإيطالي الكبير مارتينيانو بيليغرينو رونكاليا “على خطى يسوع المسيح في فينيقيا/لبنان” بل في ما أَثاره صدورُ هذا الكتاب من “صدمة” لدى اليهود، أعدائنا في ديننا وحضارتنا منذ أيام المسيح.
وإذا كان موقع قانا الجليل بات واضحاً من نتائج استقصاءات مؤرّخين ومنقّبين في تاريخنا (د. يوسف الحوراني، الأب د. يوسف يمّين في كتابه “المسيح وُلِدَ في لبنان لا في اليهودية،…)، وإذا كان صالبو المسيح ما زالوا يصلبونه منذ 2005 سنواتٍ على جلجلة الكذب والادّعاءات والأضاليل، فموضوع قانا (وأُضلُولتُهم بأنها في أرضهم واسمها “كفركنّا”) نام لديهم منذ فترةٍ طويلة، الى أن كان المؤتمر الصحافي الذي عقدَتْه في نقابة الصحافة (الجمعة 17/12/2004) “المؤسسة العربية للدراسات بين الشرق والغرب” ناشرةُ الكتاب، وأطلقته في ندوةٍ علميةٍ تناقلها الإعلام اللبناني والأجنبي، فاشرأَبّ يهود إسرائيل واستفاقوا، قال، على قانا، وصاحوا بأنّ “دائرة الآثار في إسرائيل أعلنت اكتشاف بقايا بلدة قانا الجليل وفق عملياتِ تنقيبٍ، بإشراف عالمة الآثار الإسرائيلية يارندا ألكسندر، عثرَت على أفران ومدقّات وأجران حجرية وحوض من 4،5 أمتار، غربي بلدة كفركنّا التي تبعد 8 كلم غربي الناصرة” (“النهار” – 22/12/2004).
وكان حازماً ردُّ العميد الدكتور سمير الخادم (رئيس المؤسسة ناشرة الكتاب) بدحض هذا الادّعاء الذي عاد فجأةً فاستفاق لدى اليهود، وذكَر أن “البروفسور رونكاليا قطع المسافة سيراً على قدمَيه من الناصرة الى قانا لبنان طوال يوم ونصف اليوم، ويستند في كتابه الى أوزيب مطران القيصرية والى خرائطَ علميّةٍ موثَّقة ومُسنَدَة تشير الى قانا قرب صُوْر اللبنانية، وفي هذا ما يدحض نهائياً كل ادّعاء” (“النهار”-23/12/2004)، واللافت أنّ أسوشيتد بْرِس ذكرت في التاريخ نفسه أن “عالم الآثار الإسرائيلي شيمون غيبسون يشُكّ في أن يكون اكتشاف الأجران في كفركنّا كافياً لإثبات الموقع الإنجيلي”، وأنّ “الباحث في الإنجيل ستيفن بْفان المقيم في القدس رأى أنّ أدلّة الأجران معلومةٌ فضفاضةٌ في موقع كفركنّا، ولا يمكن الجزم بأن هذا الموقع هو قانا الجليل التي وردت في الإنجيل” (“النهار”- 23/12/2004).
وكأنّما اليهود تنبّهوا الى ما يجري في لبنان حول هذا الأمر (وهل عينُهم أصلاً غافلةٌ عنا؟) فأعلنوا “عن هيئة الآثار الإسرائيلية أنّ علماء آثار في القدس اكتشفوا قناة مياه في موقع برْكة يقول المسيحيون إنها بركة سلوام التي عندها أعاد المسيح البصر الى شخص كفيف إذ مسح عينيه بالطين ثم قال له إذهب واغتسل في البركة، ويقول يوحنا إنه مضى واغتسل وعاد بصيراً” (“النهار”- 27/12/2004).
هكذا إذاً؟ استفاق “حنان” اليهود التاريخي فجأَةً على عجائب المسيح لديهم، لأنّ فيها تحويلَ انتباه العالَم عن لبنان، و”استنباط” نقاط جذْبٍ لديهم الى السياحة الدينية؟
أبداً: إنّ الوطن الذي سَمَّاه البابا “رسالة” سيبقى وطنَ الحقيقة التي لن يقوى عليها اليهود مهما “تأَسْرَلُوا”.
كتاب الكبير مارتينيانو رونكاليا حاجةٌ حضاريةٌ لكل بيتٍ لبنانيّ، في لبنان وفي عالم الانتشار اللبناني.