25 تشرين الثاني 2002
-280-
هذه تحية وفاء للمرأة اللبنانية في الصحافة والإعلام.
تحية لصبايانا وسيداتنا اللبنانيات اللواتي ينافسن زميلاتهن في المنطقة والعالم بتغطياتهن الصحافية والإعلامية. فليس عادياً أن تقوم فضائياتنا التلفزيونية اللبنانية بإيفاد مراسلات صبايا إلى الساحات الساخنة (أخيراً في أفغانستان) لتغطية الحدث ميدانياً، إضافة إلى تغطياتهن الأحداث المحلية ومرافقتهن الزيارات السياسية اللبنانية إلى الخارج، وتوليف ريبورتاجات موثّقة ممتازة، مهندسة المونتاج والتقديم على مستوى عال من الاحترافية النموذجية.
ومن أمام الكاميرا وورائها إلى الصحافة المكتوبة، بدءاً من هنا في “النهار” حيث الزميلات يقمن بتحقيقات ميدانية وخارجية وإقليمية، وزميلات لهن في صحف ومجلات أخرى تتكل على أقلامنهن العالية الاحتراف.
ومن التلفزيون والجريدة، نصل إلى الإعلام الإذاعي الذي يشهد، هو الآخر، تغطيات وبرامج تتولّى معظم نجاحاته صبايا وسيدات يزاولن عملهن بضمير مهني حيّ واحترافية إعلامية وصحافية عالية.
من هؤلاء الزميلات، “وردة صوت لبنان”، الزميلة روز زامل التي تعطي، أول ما تعطي، انطباعاً أنها لا تنام، ولا ترتاح، ولا تأخذ إجازة (ولو فعلت، تكون أمّنت تسجيل حلقات مسبقة كي لا تغيب عن مستمعيها)، وكل ذلك في مناح من الرصانة والمسؤولية والاحتراف الناضج العالي.
فمن برنامجها (اليومي) الصباحي “مش كلّنا اوْلاد بيروت” (وهو يقترب من بلوغه 1000 حلقة) نتعرّف كل صباح إلى موهبة، إلى صوت، إلى مسؤول، إلى خلاّق، إلى اسم من لبنان، حتّى لكأن هذا البرنامج يأتي إلى غرفتنا كلّ صباح بضيف لبناني نتعرّف إليه، أو، إذا كنا نعرفه، نتعرّف إلى جديده الخلاّق اللبناني.
إلى برنامجها الأسبوعي “صالون السبت” الذي يستضيف أسبوعياً ضيفاً أو أكثر من الوسط السياسي، تروح تستنطقه، وبأيما تهذيب مهنية احترافية مسؤولة، حتّى تستخرج من أفكاره ما يجمل بالمستمع اللبناني أن يعرفه، وهي، حتّى حين تحرج ضيفها أو “تحشره” بالسؤال، فإنما بغير استفزاز رخيص ولا بهجومية ممجوجة.
إلى برنامجها الأسبوعي الآخر “المجالس بالأمانات” (كل أحد) وفيه تجول بقلمها الزنبقي (ولو اللاذع) والخبير الفاضح (إنما الرصين المسؤول المهذّب) في أحداث الأسبوع في أسلوب مسجّع ذكي وشفاف.
ويلفت في الزميلة الـ”وردة” ذكاؤها السريع في الإجابات التعليقية وفي ملاحقة الضيف إلى أقصى استنطاقه ضمن خبرته وحقله وميدانه، مما يشير إلى تحضيرها كل حلقة بحسب الضيف واختصاصه، وهذا أول مبادئ الصحافة والإعلام، أن يستقبل الصحافي أو الإعلامي ضيفاً يهيئ له المختص من الأسئلة لا العمومي منها والبارد.
ذات يوم من 1979 سألتني أن أعطي، ضمن برنامج لها صباحي، فقرة أدبية أقرأ فيها (باللبنانية) فقرات من رسائل جبران إلى ماري هاسكل. وما زلت حتّى اليوم ألتقي من يذكرونني بتلك الفقرة قبل 23 سنة، وهذا يدلّ على أن الـ”وردة” مسموعة البرامج منذ مطالعها الإذاعية، لذكائها وتهذيب حضورها وراء الميكروفون.
منذ أيام وصوتها مبحوح، والاتصالات تمطر على “صوت لبنان” مطمئنة إلى رشح الـ”وردة”. وهذه أكبر تعزية للإعلامي، أن يبلغ قلوب الناس فيهلعوا لأي انزعاج لديه، بدءاً من بحة أوتار صوت اعتادوه وأحبّوه.
تحية أخرى للمرأة الإعلامية اللبنانية، وتحية خاصة لـ”وردة صوت لبنان”. قلوبنا على صوتها المبحوح.