الخميس 24 كانون الأول 1998
– 78 –
لقاء ماجدة الرومي مع طلاّب قسم الصحافة والعلاقات العامة في جامعة سيّدة اللويزة، ظهر أمس الأربعاء، كشف في وضوح لافت عن أمرين:
1- أهمية أن يلتقي الجمهور فنانته بوجهها الآخر، على المنبر تحاوره، ويكون شاهدها على المسرح مغنية.
2- أهمية أن يبادر الجمهور (خصوصاً جمهور أحبابنا الجامعيين)، فيعلن هواجسه لفنانته، هي التي تحملها إليه بالأغنية تعبيراً عن مشاعره وهواجسه وقلقه وأحلامه.
وتمكّنت ماجدة الرومي، بالعفوية التي لها والصدق الذي تميزت به، أن تكون صوتاً لهؤلاء الشباب والصبايا، أجابت عن أسئلتهم (الثقيفة الناضجة المسؤولة غير “المفخخة” أو “المؤدلجة”) بما أراح لديهم السؤال (خاصة حول وجعهم الجنوبي)، حتَّى شعروا أنّها باتت رسولتهم إلى القلب والضمير والوجدان، عبر أجوبتها التي نضحت من قلبها كما تنضح من صوتها الرنّة الذهبية.
الطلاّب، من جهتهم، كانوا نهمين إلى الاطلاع، إلى المعرفة، إلى قلب يرغبون في إجابات عنه قد تكون انعكاساتها في أغاني ماجدة ودعواتها إلى الحب النقي والثورة التي لا ترحم.
إنه الجمهور الثقيف الذي ما عاد يرضى بأن تكون المغنية مجرّد مؤدية للحن جميل أو كلام جميل، بل بات يريدها صوته هو ووجدانه هو، والتوق الذي لديه إلى التغيير والمجيء من أماكن جديدة في النفس والذات والجوهر.
هذه الظاهرة، فلتتعمم على جميع الجامعات عندنا، وليلتقِ طلاّبنا فنانيهم وشعراءهم ومبدعيهم، لينزل المبدع من برواز الصورة، ويجتمع بالناس، الطيبين، الناس الذين هم مدى المبدع، ولولاهم كيف يكون للمبدع صوت أو حضور؟
والأغنية، خاصة الأغنية، هي الوسيلة الأسرع إلى الفعل الثقافي والتأثير الجماهيري، فلتكن إذن مشحونة بكل القيم وكل الهواجس والأحلام والأهداف، حتَّى تكون لها قوّة اختراق في ملايين الذين قد لا تحركهم مئات الخطابات السياسية الجوفاء الطنانة الديماغوجية، وإنما تهزهم أغنية صادقة بسيطة عفوية تتغلغل في نسيج التفكير والتعبير والحياة اليومية.
ماجدة الرومي، بذكائها، كانت الانطلاق، وجامعة سيدة اللويزة كانت المبادرة. فلتكمل بقعة الضوء.