الخميس 20 آب 1998
– 60 –
أهلاً بضيوفنا الخليجيين زواراً وسياحاً ومصطافين ورجالاً للأعمال، يرتعون بلبنان الصيف والنسيم والجمال والمياه والينابيع والشلالات ومقاهي الأرصفة في مدننا والجبال.
إذا كانت قواعد الضيافة تقتضي الترحيب بزوّارنا وضيوفنا، هل من الضروري أن “ينخرع” فنانونا اللبنانيون بموجة الحضور الخليجي في لبنان حتَّى “ينهالوا” علينا بهذه الموجة المحلية من الأغاني الخليجية، وحتَّى لا يكاد واحد منهم يصدر أسطوانة جديدة إلاّ ويضمّنها أغنية خليجية يبرز فيها التدجيل والزيف والاستعطاف، من أجل أن “تروّج” الأسطوانة في بلدان الخليج؟
وما المبرر؟ إرضاء الخواجة صاحب شركة الإنتاج لأنه، وبطمع رخيص مفرض، يريد “تسويق” الأسطوانة وترويجها خليجياً؟ أيظن أن الخليجيين ساذجون إلى هذا الحدّ حتَّى يصدقوا أن هذا المعطى لهم هو فعلاً “فنّ خليجي”؟ (والأمر نفسه ينطبق على من يغنون عندنا الأغاني المصرية).
ضلال، فالفنان اللبناني الذي يستعطف في عمله جمهور الخليج، لم يبقَ عمله لبنانياً ولا استطاع أن يكون خليجياً، بات في محايدة لا طعم لها ولا ذوق ولا جمهور.
واستعطاف “الجمهور الحبيب” الذي بكل بلاهة هو الآخر “مخروع” بظاهرة هزّ البطن والأرداف أمام المغنّي على حلبات المطاعم والقهاوي والكازينوات، ليس أبداً معيار نجاح الأغنية، لأن هذا “الجمهور الحبيب” سيهز خصره أياً كانت الأغنية وأياً يكن المغنّي الأشوس الذي يزعق بها.
هذه الموجة التجارية الاستعطافية الرخيصة الزائفة فلتتوقف. ولنعد إلى أصالة فننا اللبناني الذي وصل لا إلى الخليج العربي، ولا إلى أطراف العالم العربي. بل إلى العالم كلّه.
وبعد بعلبك هذا العام، وثبوت ما تَمّ ثبوته، وعودة التوازن إلى ذوقنا الجماعي بعودة فيروز الرحباني إلينا، صار كل زيف في الفن مرفوضاً، وكل استعطاف جمهور ممجوجاً في قسوة جازمة.
و…أهلاً بضيوفنا الخليجيين إلى فننا اللبناني.