الخميس 5 آذار 1998
– 37 –
في 1/1/1898 صدر كراس في 48 صفحة، هو العدد الأول من “المشرق”. مجلة نصف شهرية، رئيس تحريرها رجل علامة في الأربعين، كانت شهرته اتسعت في الأوساط الأدبية والعلمية، والاستشراقية لكتاباته وأبحاثه الرصينة الموثقة: الأب لويس شيخو اليسوعي.
وكان اليسوعيون، قبل ذلك بخمس سنوات (1892)، قرروا إصدار مجلة، هم الذين قبل نصف قرن (1848) كانوا دخلوا ميجدان الطباعة والنشر، وأصدروا على مطابعهم صحيفتهم “البشير” (1870). ولكنهم شعروا بضرورة إصدار “مجلة كاثوليكية واسعة الآفاق، شاملة الموضوعات، تواكب حاجات العصر”، وتقف حدّ مثيلاتها العلمانية كـ”المقتطف” (1876) و”الهلال” (1892).
وانطلقت “المشرق”، منذ إطلالتها، قوية بأقلامها ومواضيعها، متينة بمشتركيها ولفيف أصدقائها، فاستقطبت كبار الأقلام، من دينية: المطران جرمانوس معقد (مؤسس “الجمعية البولسية” ومجلتها “المسرة”)، المطران يوسف الدبس (مؤسس الحكمة)، الأب أنستاس الكرملي، الأب لويس بليبل، الأب بطرس سارة، الخوري يوحنا طنوس، الخوري مارون غصن… وعلمانية: الأمير شكيب إرسلان، فؤاد افرام البستاني، الشيخ أحمد تقي الدين، يوسف السودا، رشيد الشرتوني، يوسف غصوب، فليكس فارس، عيسى اسكندر المعلوف، شبلي الملاّط.
وبوفاة المؤسس شيخو (1928) انتقلت “المشرق” إلى مستشرق آخر: الأب هنري لامنس البلجيكي، فإلى الأب بول كورون الفرنسي (مدير المطبعة الكاثوليكية) يعاونه تلميذ شيخو فؤاد افرام البستاني. وعرفت تلك المرحلة دفعة جديدة من كبار الأقلام: المطران أغسطينوس البستاني (فلسفة)، الأمير موريس شهاب (آثار)، الأب بولس مسعد (تاريخ)، المعلّم داغر، سعيد عقل، كرم ملحم كرم، صلاح لبكي، رشدي المعلوف، صلاح الدين المنجد، أمين نخلة.
وفي مرحلة ثالثة (1951)، تولاّها الأب عبده خليفة حتَّى تعيينه مطراناً (1970)، فتوقفت طوعاً بضعة أعوام، ثمّ قسراً بسبب الحرب، إلى أن أطلّت نصف سنوية في مرحلة رابعة (1991) يتولاّها الأب كميل حشيمة (مديراً) والأب سليم دكاش (رئيس تحرير)، اللذان إصدار منها عدداً ممتازاً في 300 صفحة (السنة 72- الجزء الأول: كانون الثاني/حزيران 1998) خاصاً بالنسبة المئوية.
ومع فرحنا بمئوية “المشرق”، نرصد الآمال الكبرى على إدارة تحريرها الحالية، وهي جديرة وكفية أن تواصل مجد هذه المجلة الرائدة، فتعود تستقطب كبار أقلام العصر، تكبر هي بها، وتكبر بها الأقلام إنها نعمت بالنشر على صفحات “المشرق”.
وبين مئوية “الهدى” (22/2/1898) كما احتفينا بها في “أزرار” (رقم 35- “النهار” 19 شباط 1998)، ومئوية “المشرق” (1/1/1898)، تحتفل الصحافة اللبنانية (ويوبيل نقابتها الألماسي الذي أعلن نقيبها بدايته في أيار المقبل) بسنديانتين يركن إليها، في تاريخه الحديث، لبنان القلم الحر.