36: شركة أجنبية على أراضٍ شاسعة

الخميس 26 شباط 1998
– 36 –
شو القصّة؟ ما هذه “النغمة الجديدة”؟ هل قدر هذا الوطن المعذّب باليوضاسيين من أبنائه، أن ينتقل من “خضة” إلى “خضة”، فلا ينتهي من ذئاب الخارج حتى يقع في شرك ثعالب الداخل؟
شو يعني أن تصدر “نغمة” بناء 35 ألفاً وحدة سكينة في منطقة المتن الأعلى، لشركة أجنبية على أراض شاسعة من منطقة الجبل بيعت (لاحظوا هذا الفعل المجهول “بيعت” ما أخبثه!!!) لغير اللبنانيين (بعدما كان اشتراها لبنانيون) ليجيء أولئك المشترون “الضيوف”، مسلحين برساميل شركات عقارية أجنبية ينفذون مشاريع عمرانية “تسهم في ازدهار البلد وعمرانه؟”.
35000 وحدة سكنية؟ يعني معدل 000 150 نسمة، في أعشاش باطونية كما علب السردين، سرعان ما يتفجرون سكنياً إلى الجوارا، فيتخلخل الميزان الديموغرافي لا في الجبل وحده بل في كل المنطقة. وهل مصيبة عندنا أكبر من الخلل الديموغرافي الذي أوقعنا فيه تجار الشعوب والضمائر والمصائر في صفوف بعض سياسيينا حتَّى وصلنا إلى خلل ما قبل 1975 ونتائجه اليوم؟
مشاريع عمرانية؟ ولماذا لا تكون المشاريع في إعادة المهجرين إلى بيوتهم؟ ولماذا تلك الشركات العقارية “السخية جداً” لا تكون مشاريعها في إعادة ما تهدم من ممتلكات المهجرين؟
ألا يكفي الانفجار السكاني الذي ينوء به لبنان، حتَّى يصار إلى زرع خلايا سكنية جديدة في مناطق لا تحتمل أصلاً أي خلل ديموغرافي؟
ألا يكفي ما فعلته فينا الكسارات والحرائق وجرائم قطع الشجار، حتَّى نبادر إلى حلق أحراجنا الخضراء عن بكرة أبيها لنزرع مكانها “وحدات سكنية”؟
ألم نتعلّم من سويسرا التي تمنع دخول الأجانب إليها (أقول: “دخول”، مجرّد “دخول” ولم أقل “تَملّك الأجانب”) حين يتعدّى الداخلون إلى البلاد نسبة 6 في المئة من أصل السكان، مع أنها قائمة في بعض اقتصادها على السياحة والتجارة؟
ألم نتعلّم كيف نتشدد في الحفاظ على مستقبلنا، فنتشدد في نسبة تملّك الأجانب؟
ألم نتعلّم من حجج اليهود بأن معظمهم “اشتروا” أراضيهم وعقاراتهم في فلسطين قبل 1948؟
ألا يكفي أن الضائقة الاقتصادية عندنا ترغم بعض الأفراد على بيع أراضيهم باسعار مغرية، حتَّى يصار إلى استغلال ذلك لبيع تلك الأراضي مجدداً إلى شركات عقارية أجنبية تنفذ عليها مشاريع تثقب ميزاننا الديموغرافي في خاصرته وجبينه وقلبه، ولا يبدو أنها تثقب ضمير اليوضاسيين الخونة الذين يتاجرون بتراب الوطن المقدّس مقابل حفنة من الدولارات العاهرة؟
بالمرصاد فلنتجنّد لمحاربة هذه الخيانة، بالمرصاد. والذين تثبت خيانتهم، لن ندعو على أيديهم بالكسر، بل سنكسرها نحن، بأصواتنا، بحملاتنا، وبكلماتنا التي… أمضى من كل سلاح.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*