(الاثنين 1 آذار 2004)
“شو أخبارَك”؟ يسألُها ويَمضي في طريقه مسرعاً لا ينتظر الجواب.
“شو أخبارَك”؟ يقولها وهو ينظر في مكانٍ آخر منشغلاً بأمرٍ آخَر، لأنه لا ينتظر الجواب.
“شو أخبارَك”؟ يلفظُها ولا يعنيها كما يمضغ في فمه علكة رخوة، لأنه لا ينتظر الجواب.
“شو أخبارَك”؟ ويمضي في حديثه كأنه لم يسألْ، لأنه لا ينتظر الجواب.
“شو أخبارَك”؟ يسألها ويسأل بعدها عدداً مماثلاً من الأسئلة المجّانية، ويمضي في سبيله، أو يكمل حديثه من دون توقُّف، وذلك لأنه، أيضاً وأيضاً، لا ينتظر الجواب.
“شو أخبارَك”؟ عبارة يلوكها الناس بلا معنى ولا مقصد ولا وعي ولا نية، ما إلاّ ليحكوا كي يحكوا، وحجتهم أن هذه “محطة كلام”.
“محطة كلام”؟ وما هذه المحطةُ الـ”بلا معنى” و”بلا فائدة”، في سؤالٍ لا أحد ينتظر عنه جواباً؟
“شو أخبارَك”؟ “كيفَك”؟ “أحوالَك”؟ “شو الأخبار”؟ “شو فيه جديد”؟ “شو فيه ما فيه”؟ أسئلة مَمضوغةٌ كالعلكة الرخوة، ينطق بها من لا يقصدون بالسؤال سؤالاً، ولا ينتظرون عنه جواباً.
يسألون كي يسألوا. يتكلمون كي يتكلموا. يحكون كي يحكوا. حكي. حكي. حكي.
وما أكبر مصيبَتَنا بكثرة الحكي.
وما أتعس شعباً لا يجد كلاماً رصيناً ذا معنى يفتتح به حديثاً، أو يبادل به بعضُه بعضاً، إلاّ عبارةً فارغةَ الْمضمون والقصد والشكل والْمعنى، مثل تلك العبارة السخيفة الفارغة: “شو أخبارَك”؟