هكذا ترجمتُهُم شَوَّهَت جبران
“أَزرار” – الحلقة 1211 – “النهار” – السبت 22 كانون الثاني 2022

خلال أَبحاثي 4 سنوات عن وثائق جديدة لوضع كتابي “هذا الرجل من لبنان”، كان كتابُ النحَّات خليل جبران وزوجته جين “خليل جبران، حياتُه وعالَمُه” (منشورات إِنترلنك، نيويورك 1974) أَفضلَ مرجع لي. ولعلَّه أَوفى كتابٍ بيوغرافيٍّ عنه حتى اليوم.

بعد صُدُور كتابي (منشورات “مركز التراث اللبناني”، الجامعة اللبنانية الأَميركية LAU) وصَلَتْني نسخة عربية من كتاب خليل وجين جبران، تصَفَّحْتُها بفرحِ أَن يكونَ هذا الكتاب/المرجعُ باتَ متاحًا لقرَّاء العربية، ففوجئْتُ بأَخطاء في اللغة والترجمة بلغ معظمُها حدَّ الخطايا، مع أَن الكتاب صادر عن مؤَسسة رصينة (“المجلس الأَعلى للثقافة”، القاهرة) وبإِشرافٍ رصين (سلسلة “المشروع القومي للترجمة”)، فعجبْتُ من صُدُوره (سنة 2005-780 صفحة) وفيه هذان التسَرُّعُ والإِهمال.

في الكتاب تعريفُ أَن الترجمة وضَعَتْها فاطمة قنديل (“شاعرة مصرية” تستعد لمناقشة أُطروحة دكتوراه عن جبران)، وراجعَها بهاء جاهين (المشرف على صفحة الأَدب في “الأَهرام”). وفيها مقدمة سلمى الخضراء الجيُّوسي (كانت كتبَتْها للطبعة الإِنكليزية).

ولأَن زاويتي “أَزرار” في “النهار” محدودةُ المساحة، سأَقتصر على بضع هفوات (بين كثيرة جدًّا) أَختارُها اتفاقًا من الصفحات.

إِهداء الكتاب ليس “إِلى الأَرواح المتَّسِقة مع نفسها” فالأَصح “الأَرواح المتناسقة”. وجبران لم يكن “وكيل الزواج” (ص 19) بل “الإِشبين في العرس”. والمدينة لم تكن “بوسْطُون” (كذا في معظم الصفحات) بل هي “بوسطِن”. والسيدة بيل لم تكتب “فتى سوريّ اسمه خليل” (ص 75) بل “صبيّ أَشوريّ”. والمعلمة ليست “ميس بيرس” (ص 75) بل “الآنسة بيرس”. و”يبدو أَنَّ ناشِرِيني” (ص 639) خطأٌ لغوي والصحيح “أَنَّ ناشِرَيَّ”. وروز أُونيل ما “دَرَسَ لها جبران” (ص 703) بل “درَّسَها جبران”. و”كلما قرأْنا دعاواه قبل عودته إِلى لبنان” (ص 700) خطأٌ فاضح، والصحيح: “كلَّما قرأْنا الدعوات إِليه” (جمع “دعوة”، لأَن “دعاوى” جمع “دعوى” وهي مختصة بالمحكمة). وخطأٌ كذلك “بعد إِصدارنا هذه السيرة الذاتية” (ص 701) والصحيح “هذه السيرة” (“السيرة الذاتية” تعني المؤَلِّفَين وهما لم يكتبا سيرتَهما الشخصية بل كَتَبَا سيرة جبران). وباربرة يونغ سنة 1939 لم “ترجع كارهةً إِلى الولايات المتحدة” (ص684) بل “مُكْرَهَةً” (أَي مُجْبَرَةً مُضطرَّة ولم “تَكْرَهْ” أَحدًا). وفي الصفحة ذاتها (684) “سنة 1945 ظهرت حياة باربرة المعَنْوَنَة هذا الرجل من لبنان” تعبير خاطئ لأَن الكتاب ليس “حياة” باربرة يونغ بل “سيرة” جبران. ونعْش جبران في ميناء بيروت لم يُنْقَل “إِلى أَحَد لانشات الحكومة” بل “إِلى زورق تابع للدولة”. وفي الصفحة ذاتها لم يكن بين الحاضرين “آل جورج” بل هما “عسَّاف جورج وزوجته مَرُّون”. ورئيس الجمهورية اللبنانية ليس “شارل دَعْبَس” (كذا ص 667) بل شارل دبَّاس. و”خطاب أُونيل” ليس “إِلى نورواي في كريسماس” (667) بل “رسالة أُونيل إِلى النروج في الميلاد”. و”قُرِأَت الكلمات” (ص 666) خطأٌ لغوي، والصحيح “قُرِئَت”. ومعرض جبران ليس “في جاليري مونتروس في الشارع 5” (ص 457) بل “على الجادة الخامسة في نيويورك”. وعلى الغلاف الأَخير خطأٌ لغويٌّ فاقع: “هذا ليس كتابًا بل عالَمًا”، والصحيح “عالَـمٌ”. ولم أَجد تفسيرًا على 15 صفحة في نهاية الكتاب (717 إِلى 732) لنقل جداول الأَسماء الأَجنبية وصفحاتها مُصَوَّرَةً كما هي من الطبعة الإِنكليزية طالما لا وُجود لِمَا يقابلها في الطبعة العربية.

تلك عيِّنةٌ ضئيلة مما وجدتُ، لن أُرهِقَني فأُرهقَ القرَّاء بأَكثر. ولْيَثْبُتْ أَنَّ الترجمة عملٌ إِبداعيٌّ كالتأْليف يُنحَتُ، وليس عملًا مسَطَّحًا آليًّا بمجرَّد النقْل الحرفيّ من لغة إِلى أُخرى.

هـنـري زغـيـب

email@old.henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib