يوم يزور البابا أَرزَ لبنان في شعبه
“نقطة على الحرف”- الحلقة 1507 – “صوت كلّ لبنان” – الأَحد 14 آذار 2021

… وسوف يجيْءُ إِلى لبنان.

وَعَد بأَن يجيْءَ إِلى لبنان.

مرَّةً أُولى وَعَد، يوم زاره البطريرك الراعي (السبت 28 تشرين الثاني الماضي) داعيًا إِياه إِلى زيارة لبنان، وأَعلن السيد البطريرك في ختام الزيارة شعورَه أَن البابا تفاعَلَ مع الدعوة إِلى زيارة لبنان الذي يحب”.

وقبل أَيامٍ واجه البابا تحدياتٍ أَمنيةً ووبائيةً في أَصعب الأَزمنة الحديثة، وقطَع 1600 كلم ليزور مواقعَ في العراق ذاتَ رمزية ودلالة، واجتمع إِلى المرجع الشيعي الأَعلى آية الله علي السيستاني. وكان قبل سنتين جاء إِلى أَبو ظبي واجتمع إِلى المرجع السني الأَعلى شيخ الأَزهر أَحمد الطيّب، مادًّا بين المسيحية والإِسلام جسرًا نفسيًا روحانيًّا بين “بِاسم الآب والابن والروح القدس” و”بِاسم الله الرحمن الرحيم”.

وفي طائرته عائدًا من بغداد إِلى كرسيِّه الرسولي، أَعلن للصحافيين أَن زيارته المقبلة ستكون “إِلى لبنان الذي يتأَلَّم”، وقال إِن “لبنان رسالة تمثِّل التوازُنَ إِنما فيه ضعفٌ ناجم عن تَنَوُّعٍ لم يتصالح أَركانه بعد، لكنَّ شعبَه متصالحٌ وذو قوَّة كقوَّة الأَرز”.

وقال أَكثر: “طلب مني البطريرك الراعي أَن أَتوقَّف في بيروت إِبَّان رحلتي إِلى بغداد، لكن الأَمر بدا لي ضئيلًا حيال ما يعانيه لبنان الذي يمرُّ اليوم في أَزمة وجود. نعم: رحلتي المقبلة ستكون إِلى لبنان”.

هكذا مرةً ثانيةً وعد، وسوف يَفي يزور “لبنان الذي يحب”، لأَنه يعرف ماذا يعني في الشرق لبنان، ولأَنه واعٍ زياراتِ أَسلافه: تَوقُّفَ البابا بولس السادس خمسين دقيقةً في مطار بيروت (الأَربعاء 2 كانون الأَول 1964) في طريقه إِلى بومباي، وزيارةَ البابا يوحنا بولس الثاني (السبت 10 أَيار 1997) حاملًا الإِرشاد الرسولي “رجاء جديد من أَجل لبنان”، وزيارةَ البابا بِنِدِكتُوس السادس عشر (الجمعة 14 أَيلول 2012) حاملًا الإِرشاد الرسولي “الحرية الدينية في الشرق الأَوسط”، وسيكون فرنسيس الأَول رابع بابا يزور لبنان، واعيًا أَن الحرية الدينية في لبنان نموذجُ الحرية الدينية في الشرق الأَوسط.

والبابا فرنسيس يعرف لبنان قبل أَن يزوره. يعرفه يوميًّا من 75 مرةً وَرَد ذكرُه في الكتاب المقدس بين يديه، ويعرف أَنَّ لِشَعب لبنان قوةً “كقوَّة الأَرز”، مما يقرأُه في سفر يشوع بن سيراخ عن الحكمة التي “ارتفعَتْ كالأَرز في لبنان، وكالسَرو في جبال حرمون”، ويعرف لبنان مما يقرأُه في سفْر حزقيال: “أَرزةٌ من لبنان، شامخة القوام، في أَغصانها عشَّشَت طيورُ السماء، وتحت فروعها وُلدَت السِباع”، ويعرف لبنان مما يقرأُه في سفْر “نشيد الأَناشيد”: “هَلُمِّي معي من لبنان يا عروس، وانظُري من رأْس حرمون، من خُدور الأُسود، من جبال النُمور، من لبنان”.

إِلى “هذا اللبنان” سيأْتي بابا روما، ويعاينُ ما في شعب لبنان من “قوَّة كقُوَّة الأَرز” كما قال.

في جوابه عن دعوة البطريرك الراعي أَن يزور لبنان، قال بابا روما: “جُرحُ لبنان يستحقُّ أَكثر من زيارة عابرة”.

بلى، سيأَتي البابا إِلى لبنان، وسيلمِس جراح لبنان، ويعرف أَنَّ مَن سبَّبوها هُم الذين لا يستحقُّون شرفَ أَن يحكموا شعبَ لبنان”.

هـنـري زغـيـب

email@old.henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib