شعبُنا المقهور الغاضب لم يكن في حاجة إِلى فضيحة تلقيح نواب في مجلس النواب (لا في مراكز التلقيح) كي يزداد اعتبارُه إِياهم مكروهين ممجوجين من جميع صفوف الشعب (عدا المنتفعين والأَزلام والأَغناميين والبَبَّغاويين).
شعبُنا المقهور الغاضب لم يكن في حاجة إِلى “حنان” وزير الصحة على النواب (و”مكافأَته” جهودَهم “الجبارة” بـــ”تشريعه” تَلَقُّحَهم في مجلس النواب)، كي يزداد حقدًا على أُولئك الذين “تلقَّحوا” كأَنهم من طينة أُخرى غير طينة الشعب.
شعبُنا المقهور الغاضب لم يكن في حاجة إِلى مزيد من الاستلاب كي يشعر أَنه ضحية هذه السلطةِ – الحاكمةِ مصيرَه المتحكِّمةِ بخناقه المستحكمةِ بمستقبله – وكي يقرر إِسقاطها من احترامه ومن صندوقة الاقتراع ومن مجلس النواب.
هو الانتخاب، أَيضًا وأَيضًا، عذابُ هذه السلطة ونيرونيِّيها، وخوفُها من الاستحقاق الانتخابي لأَنها تعرف كم باتت مكروهةً وممجوجةً وملعونةً من الشعب الذي ينتظر يوم الانتخاب ليجعلَه يوم الحساب. وساخطًا صاعقًا سيكون يومُ الحساب.
شعبُنا المقهور الغاضب يعرف أَنْ لنْ يكون في وسعه تقديمُ الموعد إِلى انتخابات مبكرة ولا ربما تأْكيدُ إِجرائها في موعدها. فــ”بيت بو سياسة” لن يرضوا بمراقبة دولية للانتخابات لأَنهم مُدركون ما ينتظرهم من غضب الشعب ولعنته وانتقامه من مجلس بات فاقدًا شرعيةَ الشعب الذي أَوكَل إِليهم مصيره فخانوه وسيحاولون تأْجيل كل استحقاق، ريثما يطول بقاؤُهم بل احتضارهم في نَزْعه الأَخير.
شعبُنا المقهور الغاضب يدرك أَن الانتخابات، إِن جرَت، ستجري وفق قانون الانتخاب الحالي، ذي الصوت التفضيلي الواحد واللوائح المعلَّبة المغْلَقة، ولن يفتح “بيت بو سياسة” أَبواب الجحيم عليهم بتغييره إِلى قانون يتيح الانتخاب بلوائح ذات صوتَين تفضيليَّين، أَو بلوائح مفتوحة حرَّة التشكيل تُتيح للشعب اختيار أَسماء بين أَكثر من لائحة، أَو بقانون دوائر فردية صغرى تتيح للشعب حرية أَن يختار ممثليه في مناطقهم دون الالتزام بمرشحين من مناطق موسَّعة بعيدة عنهم أَو خارجة عن دوائرهم بإِرغام الشعب على انتخاب لوائح المحادل أَو بوسطات الكُتَل أَو الأَحزاب أَو التكَتُّلات “كما هي”.
شعبُنا المقهور الغاضب واعٍ أَن هؤُلاء الدينوصورات على كراسي الحكم لن يُشَرِّعوا لقانون رفْع السرية المصرفية عنهم وعن جميع فروعهم العائلية (وهو بات مرفوعًا حتى في سويسرا) لمراقبة مصاريف المرشَّحين كي يمتنعوا عن شراء الأَصوات أَو ممارسة كل محرَّم وممنوع من تبييض أَموال أَو تهريب أَموال إِلى الخارج أَو تهريبها بأَسماء ذويهم، أَو تسجيل الخسائر في دفاتر حساباتهم تهرُّبًا من دفع الضرائب.
شعبُنا المقهور الغاضب يعرف كلَّ هذا الأَعلاه، ويعرف أَنه رهينة في بلاد رهينة باع أَولياؤُها ضمائرهم بصفقات فاجرة. لكن هؤُلاء الأَولياء اليوضاسيين الخوَنة لم يقرأُوا تاريخ الغضب لدى الشعوب، ولا يحسبون حسابًا لانفجار الغضب ولا متى وكيف سيكون خلْعُ بوَّابة الباستيل اللبناني حين يَهجم عليها، كتلةً واحدة، شعبُها الغاضب المقهور.
هـنـري زغـيـب