لم يَعُد مُهمًّا، وما عاد مُهتمًا شعبُنا اليائسُ الغاضبُ المقهور، متى تجري الانتخاباتُ النيابية: الفرعيةُ أَو الباكرة أَو الآجلة في موعدها أَو المؤَجَّلة عن موعدها، لأَن الشعب رافضٌ سلفًا مَن سيتقدَّمون إِلى الترشُّح متودِّدين إِلى “الناخب العزيز” مُغْدقين عليه وُعودًا كذَّابة لوصولهم، حتى إِذا وصلوا لا تعود مهمَّةً أَسماءُ مَن انتخبوا فتتحوَّل الأَسماء الحيةُ أَرقامًا جامدة في حسابات الفائزين.
أَيًّا يكن موعدُ الانتخابات فهو آتٍ، والشعب ينتظر كي يحاسب. سقَطت مقولة “لا تتعبوا. سيعودون هُم ذاتُهم إِلى الـپـرلمان”.
نعم: سقطَت. ولا: لن يعودوا “هُم ذاتُهم”… هؤُلاء الذين تعاقبوا على البلاد، جيلًا بعد جيل، من أَجدادهم إِلى آبائهم إِليهم وأَوصلوا البلاد إِلى هذه النهاية الـ”أَپـوكاليـپـتية”، لن يعودوا، بل يجب، جزْمًا وحزْمًا وحسْمًا، أَلَّا يعودوا. ومَن سيُعيدُهم: أَزلام ومنتفِعون ومحاسيب وأَغنام عُمْيٌ صُمُّ سُذَّج، إِخالهم باتوا قلَّة بعد خراب البيت مع أَنهم، هم أَيضًا، أَصابهم فقر وجوع وإِذلال.
لن يعودوا إِلى “ساحة النجمة”؟ طبعًا. ويجب أَلَّا يعودوا. مَن يقرر؟ الشعب هو مَن يقرر. الشعب الذي أَوصلَهم، هو ذاته الذي سيقطع عليهم الطريق. الشعب الذي كشف أَكاذيبهم وصفقاتهم وسمسراتهم على حسابه، هو الذي سيُسقطُهم.
الشعب مصدر السلطات؟ صحيح (المادة 21 من “الإِعلان العالمي لحقوق الإِنسان). إِذًا الشعب يقرر مصير الذين استباحوا مصيرَه فهدَّموا الدولة وشوَّهوا صورة الوطن. الشعب هو التغيير. الشعب هو القوةُ بسلاحٍ بسيط الفعل، قريب الفاعل، هائل المفعول: وُرَيقةٌ بحجم كفّ اليد.
للكفِّ في اليد أَدوارٌ عدَّة، بينها اثنان: الحَمْل أَو الصَفْع. فكيف إِذا كان لها الاثنانِ معًا: حَـمْلُ الوُرَيقة لإِسقاطها في صندوقة الاقتراع، وإِسقاطُ مَن لا يريد الشعب إِعادتهم إِلى “ساحة النجمة” بحذف أَسمائهم من لوائح مرشَّحين لا قيمة لهم بدون قرار الشعب.
الحذف، نعم. هكذا تتحوَّل الوريقة سيفًا ويتحوَّل الشعب سيَّافًا لا يرحم. وكيف يَرحم، بعدُ، من أَوصلوه إِلى الفاجعة؟
وريقةٌ بحجم الكفّ، أَمضى من أَيّ سلاح، تقرر مصير الشعب، تعيد الدولة إِلى الدولة، وتُنقذ المواطن من الخنوع والخضوع.
وريقةٌ بحجم الكفّ لصفْع الفاسدين وطرْدهم عن مسرحٍ سياسيٍّ يا ما اختالوا عليه بفضل الشعب، وتمختروا وتبختروا بفضل الشعب، وسمسَروا وأَثْرَوا بفضل الشعب، وإِذ انكشفوا جاء دور الشعب كي يحاسب بقسوةٍ صلافتَهم وعُهرهم السياسي.
وريقةٌ بحجم الكفّ: الكفّ ذاتها التي رفعَت السياسيين على الأَكتاف إِلى الكراسي، هي ذاتُها التي ستَصفعهم وتُسقطهم عن الأَكتاف وتكسر فوق رؤُوسهم كراسي لا يستاهلون شرف الجلوس عليها.
آتِ هو الحسابُ مهما أَطال أَجَلَهُ جهابذةُ “الـمُشَرِّعين” وماطلوا وأَجَّلوا. وسيكون قاسيًا حسابُهم يومَ صدور القرار.
والقرار؟ وُرَيقَةٌ في كفّ الشعب. فلْتكن عنيفةً صفعةُ كَفِّه، ولْيكن قرارُه عقوبةً لهم ولْتَهْنأْ له العُقْبى.
هـنـري زغـيـب