من قمَّة العشرين في أُوساكا، الأُسبوعَ الماضي، لَفَتَــتْني صورتان طرافتُهُما أَنْ نُشِرَتَـا متقابلَتَين في بعض الصحُف الأَجنبية.
الصورةُ الأُولى من قاعة القمة، بعد الجلسة الختامية، لـمجموعة الزعماء الرجال وبينهم سيِّدتان فقط: المستشارة الأَلـمانية إنجِلا مِـرْكِل، ورئيسة صندوق النقد الدولي الفرنسية كْرِسْتِين لاغارد، والصورة الأُخرى أَمام المعبد البوذيّ “توفوكو جي”Tofuku-ji في مدينة كيوتو، لـمجموعة السيِّدات الأُولَيَات زوجات زعماء القمة، وبينهم رجل واحد هو فيليـپ ماي زوج رئيسة الوزراء البريطانية تِريزا ماي.
العِبرة من الصورة الأُولى ورجالِـها: أَنَّ الأَكثرية المطلَقَة من قادة العالم رجال، ما يُظهِرُ كم انَّ المجتمع، حتى الدولـيَّ الـمتطوِّر، ما زال ذُكوريًّا، برغم النداءَات والـمطالب والتحركات والقوانين في العالم لإِعطاء الـمرأَة حقوقًا لها تبقى دون بلوغِها الحكْم بشكلٍ جَنْدَريّ، ما يُبقِي الحكْمَ في العالم، معظمَه، حُكرًا على الرجال.
والعِبرة من الصورة الأُخرى ونسائِها: أَنَّ زوج تِريزا ماي لم يَشعر بعُقدة نقص الرجولة لدى وقوفه في الصورة وحيدًا مع ثماني عشْرَةَ زوجةً لزعماء القمة، تميَّزَت بينهُنَّ أَناقة الفرنسيةِ الأُولى بريجيت ماكرون، والأَرجنتينيةِ الأُولى خوليانا عواضة – ابنة البعلبكي اللبناني الـمُهاجر ابرهيم عواضة -، والـﭙـولونيةِ مالغورزاتا سوكاكا Małgorzata Sochacka زوجةِ رئيس الاتحاد الأَوروبي، واليابانيةِ آكي آبيAkie Abe زوجةِ رئيس الوزراء الـمُضيف.
اللافت أَنَّ هذه الصورةَ النمطيةَ معمَّمةٌ تقريبًا في العالم، فنادرًا ما نرى في الصُوَر أَو الاحتفالات أَزواجَ سيِّداتٍ في الحُكْم، مع أَنَّ جميع صُوَر الرجال في الحُكْم تُظْهِرُ زوجاتِهم متأَبِّطاتٍ أَذرعُهَم فخارًا واعتزازًا.
قد يعود ذلك إِمَّا لرفْض الرجُل خارج الحُكْم أَن يكونَ “زوج الست” فلا يبدو معها في الصُوَر الرسمية أَو حتى الاجتماعية، وإِمَّا لرفْض السيِّدة في الحُكْم أَن تـمزُجَ بين حياتها المهنية الرسمية وتلك العائلية الخاصة.
ولكن لا أَفهم لماذا الرجلُ في الحُكْم يَعتزُّ بزوجته وظهورِها معه في الصُوَر والاحتفالات العامة والخاصة والرسمية، وحين تكون هي في الحُكْم لا يعتزُّ بالظهور معها في الصُوَر والاحتفالات العامة والخاصة والرسمية.
إِنَّ رجُلًا يَشعر بانتقاصٍ في رجولته أَن تكونَ زوجتُه هي الشمس في العلَن وهو الظِل، سيبقى غارقًا في هذه العُقدة حتى داخلَ البيت في نِظْرته إِلى زوجته وما يُزهرُ حولها خارجَ البيت من محيطِ احترامٍ وتقديرٍ وإِعلاءٍ ونجاح.
عُقدةُ النقص هذه، أَمام شمسِ الـمرأَة، لا يَـمحُوها سوى الحب: أَن يَـعـتَـزَّ الرجلُ بها مُشِعَّةً ناجحَةً ساطعَةً، لأَنها عندئذٍ تُبادلُهُ احترامًا وحُبًّا ينجُمان عن كِبَرٍ يَشفي التعاطي مع كبريائه.
وإِلى أَن نَرَى صُوَرًا تَـجمع الأَزواج الـمُرافقين زوجاتِهم في الحُكْم، سيَظلُّ كبيرًا فالقٌ في عقلية الرجُل حين لا يُفَرِّق بين أَنانية الكبرياء وغَــيريَّــة الكِـــبَـــر.
هـنـري زغـيـب