تناقلَت وسائلُ إِعلامٍ ومواقعُ إِلكترونيةٌ مقاطعَ من مقالي “أَزرار” (السبت الماضي في “النهار”) وعنوانُه: “هل هذا تلـﭭـزيون؟ أَم كركوز صندوق فرجة”، ما أَشار في وُضوحٍ إِلى ما تُثيرُه برامجُ تلـﭭـزيونية معيّنة من اشمئزاز في صفوف مشاهدين بات معظمُهم يُشيحُ عن مشاهدة البرامج المحلية إِلى برامج محطات أَجنبية تحترم مشاهديها.
بعضُ التعليقات على مقالي ذاك، جاء من مَلَلِ الناس متابعَتَهُم برامجَ تلـﭭـزيونية سياسية تستقبل الأَسماء ذاتَها والوجوه ذاَتها والآراء ذاتَها والتنظيراتِ السياسيةَ ذاتَها، لكنّ معظم تلك التعليقات على مقالي أَشار إِلى ما يَصدر على الشاشات اللبنانية من برامجَ تتعمَّد الأَلفاظ الجنسية والكلمات الجنسية والنِكات الجنسية والمزحات الجنسيات والحركات الجنسية والإِيحاءات الجنسية والتلميحات الجنسية والغمَزات الجنسية والتعليقات الجنسية حتى لتُمسي متابعةُ تلك البرامجِ السخيفةِ البذيئةِ مُشارِكةً إِياها في السخافة والبذاءة.
وأَسوأُ الأَسوإِ في هذه البرامج لا أَنها تعبِّر عن نفسية مقدِّميها وحسْب، وليس فقط عن رضى مسؤُولي المحطات التلـﭭـزيونية عليهم وعليها لاهثين وراء رفع نسبة “الرايتنغ” لاستقطاب مشاهدينَ أَكثر وتالياً إِعلاناتٍ أَكثر ويفضِّلون تُراب الدولار على ذهب الحقيقة ولو على حساب المستوى، بل الأَخطر أَن تلك البرامج تعكس للمشاهدين صورةَ صبايا لبنان والمرأَة في لبنان وأَخلاق الجيل الجديد في لبنان، والانحطاطَ الذي يتصوَّرُ المشاهدون الأَجانب أَنْ بلغَه المستوى في لبنان، بينما الواقع أَنْ ما هكذا أَخلاق صبايانا ونسائنا وجيلِنا الجديد، عدا استثناءاتٍ عاديةٍ موجودةٍ في كل مجتمع وفي كل بلاد العالم، لكنها لا تنتقل صورةً فاضحةً حاسرةً على شاشات تلـﭭـزيونات العالم.
للمشاهدين المهوُوسين جنسيًّا محطاتٌ لهم يتابعونها بكلّ حرية. أَمَّا أَن يتعمَّم هذا القرف الأَخلاقيّ على برامجِ أَكثر المحطات التلـﭭـزيونية اللبنانية، فما هذا من أَخلاق لبنان ولا من قِــيَـم شعبه الأَصيل.
وأَمَّا للقائلين بأَنّ مَن لا يعجبُه برنامجٌ من هذا الطراز المنحَطِّ لِيَمْتَنِعْ عن مُشاهدته، فالجواب أَنّ الأَثير الافتراضيّ ليس مُلكًا لأَصحاب المحطات التلـﭭـزيونية ولا لـمُقدِّمي برامجِها، بل هو مُتاحٌ للجميع، وليس مَن يفرض على أَحدٍ ما يشاهِد وما لا يشاهِد.
إِنّ لكل مستوًى من الأَخلاق برامِـجَه. ومجتمعُنا اللبناني لم يسبقْ له أَنْ شهِدَ ما بلغتْه اليوم شاشاتُـنا من مستوى برامجَ ومسلسلاتٍ يَنحطُّ إِلى إِسفافٍ اجتماعيٍّ وأَخلاقيٍّ مَقزِّزٍ نَرفض كُــلِّــيًّا أَن تَصدُر منه إِلى العالم صورةُ لبنان.
هـنـري زغـيـب