“نقطة على الحرف” – الحلقة 1274
جمالُـووووووووووو
إِذاعة “صوت لبنان” – الأَحَــــد 18 أَيلول 2016

يأْخذ عليّ بعضُ أَصدقائي رفضيَ الوقُوفَ أَمام  أَجهزة الخلوي أَو آلات التصوير لالتقاط صورةٍ في مكانٍ عامٍّ أَو في مناسبةٍ ما، لِشَكّي أَو ليقيني بأَن صورتي مع الآخرين، أَنّـى كانوا وأَيًّا كانوا، ستصدُر لاحقًا أَو سريعًا على موقع الــ”فايسبوك” في الصفحة ذاتها من الموقع ذاته للشخص ذاته، مُـجاوِرَةً صوَرًا أُخرى تَحفَل بجميع أَنواع التعليقات البسيطة أَو الساذجة أَو السخيفة.

 قد لا يرى البعضُ أَيَّ ضررٍ في ذلك، لكنني أَراني فيه على غير ما أَرغب أَن تبقى صورتي في أَذهان القراء والمشاهدين مثلما أَحترامهم بأَلّا أَظهر في كل جمْعٍ أَكون بينه، أَو أَيّ ظرف يجمعني بآخرين، وأَلّا تتجاورَ صورتي مع صوَرٍ أُخرى عائليةٍ أَو تسلَوية أَو طريفة لأَصحابِ الموقع يوزِّعونها على آلاف أَصدقائهم ومعارفهم في كل أَنحاء الأَرض وما تتبع صورَهم من تعليقات.

 ونِظرةٌ سريعةٌ إِلى هذه التعليقات تعطي فكرةً عن مستوى أَصحابها. فهنا تعليق “لا زالت الأَفراح في دياركم عامرة“، وهنا “جمالوووووووووو“، وهنا “ياي شو لابقين لبعضكُن“، وهنا “مبروك و عَ قبال الميه” وهنا “وين السنينيّه؟“، وهنا “صدَقْتِي” (كذا بالياء)، وهنا “رَووووووووووعة“، وهنا “الله يخليكُن لبعضكُن“، وهنا “كل سنينيّه وإِنتو بْـخَـير الله يعيّشو“، إِلى آخره… ولا تنتهي التعليقات ولا تنتهي الأَخبار ولا تنتهي الصُوَر على الـ”فايسبوك” بتعليقات يتبادلونها ويَـجمُل أَن تكون شخصيةً في ما بينهم أَو خاصةً أَو حميمةً، فإِذا بها منشورةٌ لكل الناس على صفحاتهم الــ”فايسبوكية”.

أَحترم طبعًا حاجةَ البعض إِلى نشرهم أَخبارًا وصُـوَرًا لناسٍ معيَّنين، مستفيدين من خدمة الــ”فايسبوك”، لكنني لا أَحتمل أَن تكون جميعُ الصفحات مفتوحةً على جميع الصُوَر متاحةً لجميع الناس، بما فيها تلك التعليقات الشخصية والخاصة التي لا تعني أَحدًا خارجَ حلقة الـمَعارف بين ناس معيَّنين.

على أَنّ هذا لا يُلغي ما أَجد أَحيانًا، ولو نادرةً، على بعض صفحات الــ”الفايسبوك” من إِعلامٍ أَو إِعلانٍ عن صدور كتابٍ جيِّدٍ تَجدُر قراءتُه، أَو مسرحيةٍ ناجحةٍ يُنصَح بمشاهدتها، أَو لوحةٍ فنيةٍ ممتازةٍ في معرضٍ تشكيلي، أَو حدَثٍ ثقافيّ أَو سياحيّ أَو وطنيّ أَو تاريخيّ أَو أَثَريّ، أَو تعليقٍ رصينٍ جِدِّيٍّ يَـحُثُّ على الـتَـثَـقُّف والاطِّلاع، ما يجعل موقعَ الــ”فايسبوك” الاجتماعيّ، بما له من زُوَّارٍ بالآلاف، ذا فائدةٍ عميمةٍ تُسهم في التـثـقـيف ونشْر المعرفة حتى تُصبحَ في متناول الجميع.

هكذا يكونُ الــ”فايسبوك” وسيلةً رصينةً للناس الرصينين.

 هـنـري زغـيـب

email@old.henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib