“أَزرار” – الحلقة 956
“هذه بلادُنا وهذا مطارُنا”
“النهار” – السبت 10 أَيلول 2016

عند هُبوط طائرة أُوباما الرئاسية في مطار هانكزو نهار السبت الماضي خاتمًا جولتَه الآسيوية، حاولَت مَسؤُولة الإِعلام في البيت الأَبيض اختراقَ الحاجزِ المانعِ اقترابَ أَحدٍ من سُلّم الطائرة. نهرَها ضابطُ الأَمن كي تتراجع. قالت: “هذا رئيسُنا وهذه طائرتُنا الرئاسية”، فأَجابها الضابط الصينيُّ صارمًا: “هذه بلادُنا وهذا مطارُنا”. احترمَت الموظفةُ حزْم الدولة وتراجعَت.

تَوَازيًا مع فشَل الاختراق الرئاسي في مطار الصين، نجَحَ اختراقٌ في مطار بيروت يوم تسلَّل ولدٌ في الثانية عشرة عابرًا جميع نقاط التفتيش ودخَل الطائرة وسافر إِلى تركيا بدون أَيِّ ورقة ثبوتية.

ماذا يقال في مثل هذه الحالة، وبأَيِّ لهجة: غضَب؟ قرَف؟ لَعنة؟

في مطارات العالم نقِف كالشحَّاذين ونضعُ أَحذيتَنا وحزامَنا وساعةَ يدِنا والكومـﭙـيوتر والخَلَوي وجميعَ محتويات جيوبنا في سلّة تَـمُــرُّ داخلَ نفَق الأَشعة، ثم نَعبر الباب الإِلكتروني رافعين أَيدينا مستسلِمين لرجُل الأَمن يفتّشنا ويُـمرّر آلةَ تدقيق إِلكترونية على جسدِنا كي يدَعَنا نَعبر بعد قراءة جواز سفرنا بكل ريـبـةٍ وتَـمَعُّنٍ وتدقيق، وربما استشبه بأَحدِنا فيُحوّلنا إِلى زميل له يحقّق معنا بما يُشعرُنا أَننا لا أَقلَّ من مقترفين مشبوهين. وأَخيرًا نُكمل صوب الطائرة متخطّين الشعورَ بالذُلّ والغضَب، مقْتنعين بأَنها إِجراءاتُ دولةٍ واعيةٍ تحفَظ أَمنَها وتُحافظ على أَمانها.

صحيح أَنّ رئيس مَطارنا أَخيرًا طلب من المسافرين الحضورَ إِلى المطار قبل ثلاث ساعات من موعد إِقلاع طائرتهم، ولكنْ… “بعد شو”؟ هل هذا كافٍ للحماية؟ وماذا عن طيور نَورس تدخُل في محركات الطائرة فتهدِّد بسقوطها، مع كامل اعترافنا وإِقرارنا واعتزازنا بكل قبطانٍ رائعٍ من قادة طائرات الـ”ميدل إِيست”؟ هل يكفي وضْعُ محركات كبرى ذاتِ هديرٍ يُــبعد طيور النَورس عن مدرج الهبوط؟ وماذا عن تلال نُفاياتٍ ما زالت تعلو حول مدرج المطار مُـجَـمِّعَــةً قوارضَ تستجلب إِليها طيور النَورس؟ وحَـتّامَ تحويل وُجهة الطائرات لتَمُرَّ منخفضةً فوق بُـيـوتِ بَــيروت عوَض خطّها الطبيعيّ فوق البحر بسبب تحديث نظام الملاحة رغم ضرورته للسلامة العامة؟ ومتى نُبادر إِلى إِجراءاتٍ استباقيةٍ عوَض الاستلحاقية؟ هل بعدما نهرع نائحين بَكَّائين إِلى الاستعطاف والترجّي والاستجداء إِذا ما أَعلنَت دولةٌ أَو أَكثر قرارَها بوقْف هبوط طائراتها في مطارنا بسبب غيابٍ أَو هشاشةٍ في الإِجراءات الأَمنية والتقنية؟

وإِلى متى نستمرُّ في عقْد جلساتٍ حوارية وحكومية ونيابية لا جدوى منها سوى تقطيع الوقت في انتظار “غودو”، وبلادُنا مفتوحةٌ على جميع العواصف، ومطارُنا مباحٌ لجميع الاختراقات؟

الغضبُ أَكبر من الكلمات، والقرفُ أَقوى من التعبير.

وسنبقى هكذا حتى يقومَ عندنا مَن يصرُخ بكرامةٍ في وجه العالم: “هذه بلادُنا وهذا مطارُنا”.

ويكونُ عندها أَن يحترمَنا العالم.

هـنـري  زغـيـب

email@old.henrizoghaib.com

www.henrizoghaib.com

www.facebook.com/poethenrizoghaib