حرفٌ من كتاب- الحلقة (الأَخيرة) 253
هديَّـتـي في العيد: مكتبة إِذاعية من 250 كتابًا
الأَحـد 27 كانون الأَول 2015

            إِنها الحلقةُ الأَخيرة.

          معها أُغلق الحرفَ الأَخير في “حرف من كتاب”، بعد 250 كتابًا في250 حلقة، واثنتَين مُعادَتَين: أُولى يوم غياب غسان تويني (استعدتُ حلقةَ كتابه “فَلْنَدْفُن الحقد والثأْر”)، والأُخرى يوم دخل أَمين معلوف الأَكاديميا الفرنسية (استعدتُ حلقة كتابه “صخرة طانيوس”).

          إِنها إِذاً مكتبةٌ إِذاعيةٌ ضمَّت 250 كتابًا عن لبنان، بين كتُب سياحية وأَثرية وتاريخية وأَدبية وشعبية وروائية وعلْمية ومصوَّرة وسواها، جميعُها كانت تختصّ بـمَلْمَح من ملامح هذا اللبنان الرائع بطبيعته وجماله وتُراثه الغنيّ وأَعلامه الكبار ومعالِـمه الفريدة.

          ولم تكن جميعُها من تأْليف لبنانيين، بل تخلَّلتْها كتُبٌ وضَـعَها أَجانب عن لبنان: شهاداتٍ منهم عن وطنٍ زاروه، أَو سكنوا فيه فأَحبُّوه كما لم يحبوا سواه، وكتبوا عنه بشغف أَبنائه المخْلصين.

          هكذا، بين الحلقة الأُولى (صباح الأَحد 13 شباط 2011) والحلقة الأَخيرة (صباح اليوم الأَحد)، خارطةٌ غنية من 250 كتابًا ترسُم ما لِـقَدَر وطننا الغالي من إِرثٍ بَلَغَنا غنيًّا، وعلينا الاحتفاظُ به، والحفاظُ عليه، وتفعيلُه بنقْله إِلى الأَجيال اللاحقة كي تكبَر في وطنٍ تكبُر به وتفخر بالانتماء إِليه.

          كثيرةٌ كُتبٌ كانت تأْتيني من مؤَلفين أَصدقاء، أَو بالبريد، بينها الشعر والقصة والرواية والوجدانيات والنقد والمسرح، كنتُ أَعتذر من مؤَلفيها لأَنني آليتُ أَن أُخصِّص هذه الحلقات صباحَ الأَحد لكُتُبٍ عن لبنان. وبلغَـني أَنّ بعض المدرِّسين كانوا يُعطون نصوصًا من هذه الحلقات لتلامذتهم شارحين لهم مضمونَ الكتُب ورسالتَها في الإِضاءة على مُعطى معيَّن من معطيات لبنان.

          هي ذي رسالةُ الكاتب، كلِّ كاتب، أَن يُعطي وطنَه بعضَ ما أَعطاه وطنُه من قِــيَــمٍ وفضائل، وأَن يُقدِّم أَفضل صورة لوطنه، مُشيحًا عن شواذاتٍ ومثالبَ ونواقصَ يسبِّبها السياسيون. فالأَدب شاهدُ الثوابت ويُشيح عن المتغيّرات والعوابر. رسالة الأَديب تنصيعُ الصورة دون تشويهِها، ودورُ الأَدب الإِذاعي أَن يعوّض إِيجابيًّا بنصه عما في نشَرات الأَخبار الإِذاعية من ملامح غير إِيجابية.

          إِنها الحلقةُ الأَخيرة.

يغيبُ بعدها هذا البرنامج فترةً آمَل أَلاّ تطول (وفْق مقتضيات شبكة البرامج في الإِذاعة)، وسوف يحِلُّ مكانه صباح الأَحد برنامجي الآخر “نقطة على الحرف” (عِـوَضًا عن صباح الأَربعاء)، فأُلاقيكم صباح الأَحد بتعليق ثقافي اجتماعي جديد يتابع ما يجري ويحلِّله كما يجدر.

          إِنها الحلقةُ الأَخيرة.

شكرًا لـمَن تابعَها أَحدًا بعد أَحد، حَرفًا جديدًا من كتابٍ جديد، وشكرًا للعين الساهرة على كلّ حرف من كلّ كتاب. هي العنايةُ الكاملة التي بدونها لا وُصولَ إِلى قمم الهناءَة والسعادة.

          إِنها الحلقةُ الأَخيرة.

لكنها الأُولى دائمًا في سبيل لبنانَ الكتاب، وتراثِ الكتاب، وكـلِّ حرفٍ مبارَكٍ من كتابِ لبنان.