غداً مساءً ينامُ الأَطفال وعينُهم على المغارة ينتظرون صباحًا هدايا حملها الشيخُ الأَحمر ووضعَها أَمام طفل المغارة ليلةَ الميلاد.
وبعد غدٍ، صباحَ العيد، يَـتَـبَـيَّـنُ نوعُ الهدايا التي فكَّر بها الأَهل كي يُـفْرحوا أَولادَهم بالأَلعاب نهارَ العيد.
والأَلعاب نوعان: منها ما يتشارك بها الولَد مع أَتراب آخرين، ومنها ما يتسلّى بها الولد وحده.
ومع تقدُّم العصر وانتشار الاختراعات الإِلكترونية ومنها الأَلعاب، أَخذَت هذه تميل أَكثرَ صوب انفرادِ الولد مع لعبته ومزاولتِها وقتًا طويلًا وحدَه في عزلةٍ عن رفاقه وحتى عن أَهل البيت، فيُمضي ساعاتٍ طويلةً مع لعبته الإِلكترونية، ويروح لاوعـيـيًّا يعتاد الانفراد والابتعاد عن محيطِه، وتاليًا يكبَر على هذا النمط، فيصبح اندماجُه في المجتمع أَقلَّ وأَصعب. وفي مدارسنا وبيوتنا حالاتٌ غيرُ قليلةٍ من أَولادٍ يُعانون التوحُّد، ويعالجهم سيكولوجيون وسوسيولوجيون لإِنقاذهم من حبسهم الداخلي وترويضهم على الخروج من ضِيق الانفراد إِلى وساعة الجماعة.
وكثيرًا ما أَسمع الأَهل يشْكُون من قضاء ولدَهم ساعاتٍ طويلةً أَمام شاشة الكومـﭙـيوتر أَو اللوح الذكيّ، حتى لينسى مواقيت الطعام فلا يجوع، ومواقيت النوم فلا يَخْلُد إِلى سريره، ويركِّز كلّ انتباهه عند ما يتفتَّق من ضغطه على الفأْرة الآلية أَو المكابس أَمامه، وما يسعى إِلى بلوغه من لعبته الإِلكترونية.
اطَّلعتُ قبل أَيامٍ على موقع إِلكتروني خاص بالأَلعاب وصفًا وشرحًا وترغيبًا، لفتَني فيه أَنها جميعَها جماعيةٌ يزاولُها الولد مع رفاقه ورفيقاته، وهي في معظمها أَلعابٌ ثقافية وتربوية. وأَفضلُ الأَلعاب قَطْعًا تلك التي تُــثَـــقِّـف الولد، وتُنْمي مواهبَه، وتُوسِّع خيالَه، وتَحُكُّ تفكيرَه مع أَترابه ولو إِلِكْترونيًّا عن بُعد، فيَقوى عنده حسُّ المنافسة، ويشتَدُّ في عقله تنافُسُ الانتصار، ما يَـزرع في ذِهنه جَــوَّ المشاركة، واكتشافَ الآخَر عبر لَــعِــبِــه، سرعةً أَو تفكيرًا أَو حساباتٍ منطقية ولو على مستواه.
ولَفَتَني في هذا الموقع شِعارُه: “اختيار اللعبة ليس لَـعِـبًـا” ما يعني أَنّ اختيارها دقيقٌ ومسؤُولٌ، حتى تكون اللعبةُ المختارةُ رفيقةَ الولد، ومُعـيـنَـتَهُ على النمُوّ العقلي والذهني والفكري والنفسي والثقافي والمعرفي والاجتماعي. وهذه مسؤُوليةُ الأَهل أَلاّ يُــهْدوا أَولادَهم لُعَبًا فرديةً كي لا يكونَ لهم لاحقًا أَن يَشْكُوا من تَوَحُّد أَولادهم.
من هنا، يجدُر بالأَهل أَن تكون عينُهم هُم على المغارة قبل دخول أَولادهم إِلى النوم عشيةَ الميلاد، كي يكونَ صباحُ العيد عيدًا لِــنُــمُــوّ أَولادهم، فتكونَ أَلعابُهم محطةً خَــيِّرةً في طفولتهم وصباهم، يكبَرون ويَذْكُرون فضلَها جاءَ إِليهم ذاتَ ليلةٍ ميلاديةٍ مبارَكةٍ أَمام… طفل المغارة.