حرفٌ من كتاب-الحلقة 220
“الحلم اللبناني”- رمزي أَمين الحافظ
الأَحـــد 10 أَيّــار 2015

Ramzi Hafez

          لأَنه يؤْمن بماضي وطنِه عريقاً، جديراً باعتناقه لأَجل مواجهة المستقبل، آمَنَ بأَنّ الحُلْم بالوطن الآتي ممكنٌ إِذا رسَّخنا فينا الرجاءَ الذي لا يتحطَّم: رجاءً بوطن تلويه العواصف ولا تكْسره، تهاجمه الحروب والأَزمات والصعوبات ولا تَسحقه، ويظلُّ شعبه واقفاً في وجه الريح والحروب والعواصف.

هو هذا بعض إِيمان رمزي أَمين الحافظ في كتابه الجديد “الحلم اللبناني” الصادر قبل أَسابيع عن منشورات Infopro في 336 صفحة حجماً كبيراً، يستهلُّه مقطعٌ من مقدمة الدستور اللبناني، ويختُمُه النص الحرفي لهذا الدستور كما لِيحضنَ الدستورُ الكتابَ مثلما يُفتَرَض أَنه يحضن الوطن والمواطنين.

في مقدمة الكتاب يؤكِّد رمزي الحافظ أَنّ الحلم اللبناني دعوةٌ إِلى “الثقة بِــإِمكان بناء لبنان على إِيجابيات الماضي، وطَيّ صفحاته السلبية، والسعي إِلى تحقيق هذا الحلم، درءاً للانتحار الوطني وابتعاداً عن اليأْس والإِذعان والهجرة. من هنا أَنّ الأَمل بمستقبل لبنان كافٍ وحدَه للمبادرة والنضال والسعْي، ولو كلَّف ذلك وقتاً غيرَ قصير“.

بُلوغاً إِلى هذا الحُلم، نسَجَ رمزي الحافظ لكتابه أَربعة أَبواب، أَوَّلُها يَمتد بين تاريخ الأَمس وصيغة اليوم، منذ الطريق الطويل لتكوُّن لبنان الكبير حتى فجر الاستقلال فولادة الميثاق الناظم وصولاً إِلى انكسار الصيغة وتردُّداتها السلبية.

ومن الباب الثاني يُطِلُّ بحثٌ معمّق يُحلل الانتقال من الصيغة إِلى القضية، من اتفاق الطائف إِلى الهيمنة السورية فتعطيل الصيغة فحُلم رفيق الحريري النهضوي وصعود حزب الله وتنامي نفوذه وصولاً إِلى الفصل الوحيد من ربيع ثورة الأَرز وخريفها معاً.

سوى أَنه لا يرمي أَملَه بل يعود ليبحَث في الباب الثالث عن الانتقال من القضية إِلى الحُلم، وهو الانتقال من العيش المشترك إِلى العيش الواحد، انطلاقاً من هذه العبارة البليغة للإِمام موسى الصدر: “ليس في العالم شَعبٌ كبيرٌ وآخرُ صغير، بل شعبٌ يريد الحياة وآخرُ لا يريدها“.

هكذا يقفل الكتابَ البابُ الرابع بالانتقال من الحُلم إِلى الواقع الجديد، في تكوين السلطة والجمهورية الحديثة، ومواجهة التحدّيات الناشبة في وجه الواقع الجديد: أَدياناً وطوائفَ، دفاعاً ومقاومة، سياسةً خارجية وأُخرى داخلية، إِصلاحَ الاقتصاد وتنْميتَه. ويَجرؤُ رمزي الحافظ أَن يَخْلُصَ إِلى رأْيٍ صاخب: “في الحُلم اللبناني لا زعماء ولا توريث ولا تنصيب موالين، بل تسعى قيادات الحُلم اللبناني إِلى تنفيذ برامجها والدفاع عنها غيرَ هيابةٍ اتخاذَ قراراتٍ ومواقفَ صعبةٍ وغير شعبية، لإِرضاء المصلحة الوطنية لا المصالح الخاصة لأَيٍّ من الزعماء“.

ولعل أَبلغَ ما خَتَم به المؤَلف كتابَه عبارةٌ لوالده الرئيس أَمين الحافظ: “الطائفيةُ لم تُحقِّق مرةً واحدةً أَيَّ مَطلبٍ لأَيِّ طائفة”.

وهي معادلة صلُحَت أَمس، وتصلُح اليوم، وستبقى صالحةً كلَّ يوم.