حين اختارت الأُمم المتحدة الممثلةَ الأَميركية الجميلة أَنجيلينا جُولي “سفيرة النوايا الحسنة لشؤون اللاجئين” كانت أَنجيلينا ناشطةً قبل سنواتٍ طويلةٍ في أَعمال الخير تجاه الفقراء والمعوزين والمشرَّدين وفي النضال من أَجل قضايا اجتماعية وإِنسانية عادلة، وكانت تبنَّت أَربعة أَولاد هم مادوكس من كمبوديا، زهراء من إِثـيـوبيا، ﭘـاكس من فيتنام وموسى من سوريا لاجئ في تركيا. وكانت نالت على أَعمالها الخيرية الكثيرة جائزة “المرأَة الأَكثر تأْثيراً على مستوى العالم”. لذا استحقت بجدارة أَن تحمل لقب “سفيرة النوايا الحسنة” من الأُمم المتحدة. وهي زارت لبنان ثلاثاً كانت أَخيرتُها ثلاثة أَيام في شباط من العام الماضي للاطِّلاع على محنة الأَطفال السوريين ولشكر الشعب اللبناني على مساعدة اللاجئين، فقصدَت مخيمات اللاجئين في البقاع وصرَّحت بعدها أَنّ “في لبنان مراكزَ للاَّجئين أَكبر من أَيِّ بلدٍ في العالم في التاريخ الحديث”، وكتبَت تقريرها اللاذع إِلى المفوضية العليا لشؤُون اللاجئين في الأُمم المتحدة.
ما كنتُ أَسوق هذه المقدمة ببعض تفصيل لولا أَنني أَقرأُ هنا وهناك عن لبنانيين ولبنانيات ذوي وذوات أَلقابٍ يحملُها “سفراء النوايا الحسنة لمفوضية الأُمم المتحدة لشؤُون اللاجئين“، “سفراء النوايا الحسنة لمنظمة الفاو التابعة للأُمم المتحدة“، “سفراء النوايا الحسنة لليونيسيف“، “سفراء النوايا الحسنة لليونسكو” وسائر أَلقاب لا صفة دﭘــلوماسية لها لكنها تُعطى مَن يعملون الخير للإِنسانية في بلدانهم.
لا أُشكك في تعيينات الأُمم المتحدة لكنّ معظم الذين واللواتي يحملُون ويحملْن هذه الأَلقاب عندنا لا أَرى لهم ولهُنّ أَيَّ نشاطٍ في ما من أَجله حملوا وحملْنَ شرف “سفارة النوايا الحسنة”، فلا أَراهم إِلاّ يسرحون في اللقاءات العامة بـلقبٍ يشرِّفهم ولا يشرفونه، يبرزون به في صوَر الكوكتيلات وحفلات الاستقبال مع التشديد لـمُصوِّري الصحف على ذكْر اللقب الدولي من منظمة الأُمم المتحدة.
أَقول “معظم” الذين واللواتي عندنا لأَن قلةً منهم ومنهن يستحقُّون ويستحقِقْن اللقب ويعملُون ويعملْن بموجبه ويشرِّفُونه ويشرِّفْنَه، لكن الأَكثرية ذاتُ لقبٍ بلا مضمون، سواء في “سفارة النوايا الحسنة” أَو في “سفارة السلام”، ولا يعملُون شيئاً من ذلك، ولبنان يواجه اليوم تسونامي إِرهابٍ رهيبٍ يَفترض أَن يقوم هؤُلاء الحاملُون اللقب والحاملاتُه بالتحرُّك الدينامي الضّاجّ محلياً وعالمياً، وإِلاّ ما نفع لقب “سفارة السلام” و”سفارة النوايا الحسنة” إِن لم يكن الآن وقتُه كي يُسمعوا ويُسمِعْن العالم صوتَهم وصوتَهُنّ؟
لقبٌ من الأُمم المتحدة: مسؤُوليةٌ وتَـحَـرُّكٌ وحمَلاتٌ فاعلةٌ أَكثر من مجرَّد شرَف وترَف وتصوير صحافي وتلـﭭـزيوني وعلاقات عامة سطحية، وزياراتٍ محليةٍ وخارجيةٍ لا تفيدُ إِلاّ أَصحابَها ولا يصل منها المعنيين والمعْوَزين والمنكوبين أَيُّ فائدة.
هذا اللقب يحمله مَن ينصرف إِلى “العمل” الاجتماعي لا إِلى “الترف” الاجتماعي، وهو أَبعدُ كثيراً من لقبٍ شَرَفـيٍّ للتباهي به على البطاقة الشخصية.