بين مبادئ وزارة الثقافة والتواصل في فرنسا أَنّ “إِتقانَ اللغة رأْسُ مَهَامِّ المدرسة”. لذا تنظِّم الوزارةُ حملةً وطنيةً سنويةً شعارُها “هات عشْر كلمات”، شرطُها إِرسالُ عشْر كلمات جديدة تنتَشر حالياً في اللغة الفرنسية إِمَّا من تداوُلِها أَو من لغات أُخرى، ويجري استعمالُها في التخاطُب أَو الكتابة أَو الأَغاني أَو الأَفلام. هدف الحملة تحديث الكلمات الفرنسية لإِغناء اللغة بتشجيع الاشتغال عليها. وتُرادِفُ الحملةَ وزارةُ التربية الوطنية بتنظيم مباراةٍ في الإِبداع الأَدبي بين التلامذة الثانويين والطلاّب الجامعيين والمنتسبين إِلى البعثات الفرنسية والعلمانية في الخارج، يشتركون بإِرسالهم عَشْر كلمات ضمن جُمَلٍ يستعملونها في نَـصٍّ أَو أُغنيةٍ أَو رسمٍ أَو أَيِّ سياق آخَـر.
شرط المباراة تبريرُ مصدر الكلمة الجديدة إِن كانت من لغة أُخرى، ما يقتضي البحثَ في تلك اللغة الأُخرى ويُوسِّعُ ثقافة المشاركين المعرفية بإِدخالهم كلماتٍ جديدةً إِلى لغتهم الأُمّ جديرةً باستعمالها في مرافق التخاطُب والاتّصال، فَـيَـغْنى مُـختبرُ اللغة الفرنسية وتتَسع لتستوعبَ مفرداتٍ جديدةً وعلوماً ووسائطَ ووسائلَ من كلّ نوع، فيتّسع المدى الفرنكوفوني لتبقى الفرنسيةُ لغةً حيةً تواكب العصر بكل ما يستجدّ في العصر.
وزيادة في إِغناء اللغة تشمل المباراةُ الدولَ الفرنكوفونية شريكة فرنسا: بلجيكا، سويسرا، مقاطعة كيبيك الكندية، والمنظمة العالمية للفرنكوفونيا الجامعةَ 77 بلداً في العالم.
من هذه الحملة الرائعة تَغْنى بها اللغة الفرنسية، أَنتقل إِلى اللغة العربية ومفرداتٍ جديدةٍ دخلتْها في السنوات الأَخيرة مع الأَحداث التي تُزلزِلُ الدول العربية صِداماتٍ وحُروباً وانقلاباتٍ وتنظيماتٍ وجبهاتٍ واغتيالاتٍ وتصفياتٍ وإِعدامات، وما يصاحبها من كلمات جديدة في قاموسٍ غير مسبوق، فإِذا أَمام تلامذتنا وطلاّبنا كلماتٌ مستجدّة في التداوُل: “داعش”، “آيزيس”، “آيزيل”، “تكفيريون”، “ظلاميون”، “إِرهابيون”، “نحر”، “إِمارة إِسلامية” وسائر قاموس يطالع جيلَنا الجديد يومياً في وسائل الإِعلام ووسائط التواصل الاجتماعي، ما يَـزيد العربيةَ لا عشْر كلماتٍ فقط بل عشراتِ الكلماتِ الجديدةِ منذ الأَحداث الدموية الفاجعة التي تَجري يومياً، وجميعُها كلماتٌ للجريمة والحقد والقتل والسحل والصدام الدموي، نتيجةَ انهيار القيَم وفشَل السياسات التي أَدّت بالدوَل إِلى الزلازل الدموية عوض أَن تقودَها إِلى إِغناء المستقبل بآفاق جديدة.
في الدول الفرنكوفونيّة: “هاتِ عشْر كلمات لتُغْني وتحيي اللغة الفرنسية”.
وفي الدول العربية: “خُذْ عشرات الكلمات لتُؤْذي العربية، لا لغةً وحسْب، بل الدوَلَ والشعوب، وتعكسَ صورةً غريـبة تماماً عن حضارة العرب الغنيّة ولغتهم العريقة”.