” هنا تحت كل ترابَه… حكايةُ مجْدْ
هنا اللهُ شرّع بابَه … وضَمَّكِ ضَمَّة وَجْدْ
هنا جبلٌ لا الأَساطيرُ أَشهى ولا الشمسُ أَبهى
أَحـــــــايـيـنَ يُغري سهولَــه… بفُلّ ووَرْدْ
أَحايين يلعبُ يُغري البطولَــه… بِرِميَة نردْ”.
بهذه النفحة الزنبقية افتتح سعيد عقل كتابه “لبنان إِن حكى“، وهو وجهٌ ناصعٌ من الهوية اللبنانية المنفتحة كأُفقِ لبنان الـمُشِعّ على الآفاق، لا متقوقعاً في لبنانـيّـته ولا منعزلاً في وطنـيّـته، بل مُطِلاًّ على العالم بِـمَعالم في لبنان وأَعلامٍ من لبنان وعلاماتٍ حضارية تَجعل من لبنان رأْسَ المنارة الذي حَجْمُه ضئيل لكنّ نورَه يَبلغ بعيداً في عُمق البر وَوِسْع البحر.
لذا تتالَت طبعات هذا الكتاب أَكثر من أَي ّكتاب آخر لسعيد عقل، ذلك أَنّ في صفحاته، كما حدَّدها هو، “سياحةً في لبنان الحضارة، قد تكونُ من أَجمل ما يُعطَاه الإِنسان… كلُّ شيء هنا أَكبرُ من بحر، أَكبرُ من دهر. فَــتَحْتَ كلّ حصاةٍ من الثرى الذي نَدُوس كلَّ يوم، قصةُ مجدٍ تُحكى، فصلٌ من تاريخ الحب والعطاء، أَو هي بعضُ الحضارة”.
بهذا النفَس الطالع من حقيقة التاريخ لا من وهْم اليوتوﭘــيا، يروح سعيد عقل يتنقّل بنا في كتابه على أَعمدة مَـجلُـوَّة من هياكل لبنان الحضارة، منذ فيتاغوراس في صيدا، إِلى حكاية الحب في زحلة، إِلى مارينا الصُّورية التي تغَنّى بها شكســﭙــير، إِلى إليسا التي هاجرت من صُور وأَسّست المدينة الجديدة التي اسمُها قرطاجة، إِلى بقاء النفس بعد الموت كما أَطلقَها كاهنٌ من جبيل، إِلى هوميروس وظلاله على أَرض لبنان، إِلى قيصريّة لبنان التي من أَطلال عرقة في عكّار لبنان، إِلى قبلة أَفروديت في اليمُّونة البقاعية، إِلى الإِمام الأُوزاعي عظيمِ العظماء، إِلى يومِ زارَ يسوع لبنان، إِلى حكاية حب غريبة على قمة القرنة السوداء، إِلى بطولة رُنْزابعل في صور، إِلى عرس في ﭘــاريس على اسم لُبْ أَنان، إِلى إِيكايا التي اكتشفَت طائراً عجيباً حَطَّ في جبيل واسمه الفينيق، إِلى قصة داريوس وبطولة صيدون، إِلى خطبة إِلزا ورافائيل على أَرض لبنان، إِلى موخوس الصيدوني واكتشافاته الخالدة، وحُبّ الجندي ناهار عصفورتَه الصفراء، وما كان لفخر الدين يومَ سقطَت قلعة تَيرون، والسلام اللبناني وبيروت سنخوني اتن، وبلاط بشير الثاني وفيه معلِّمو معلمي العالم، وقصة مِرْدِيا والإِسكندر المقدوني في ربوع لبنان، ويسوع الذي كان يرنو إِلى حرمون لبنان، وماذا عن عَينَيّ إِيليتا في صيدون، ورواية بلتيسا ذات الغدائر الشُّقر، وقصة النمساوية الشقراء والقنصل الذي أَضمرَ لها على أَرض لبنان قبلةً تُميت وتُحيي.
حكاياتٌ حكايات قصَّها سعيد عقل في هذا الكتاب حتى ليُشتَهى الوطنُ الذي رسمه في كتابه سماءً جميلةً على كوكب الأَرض.
“لبنان إِن حكى” لسعيد عقل، كتابٌ يَــقْرأُ فيه كلُّ لبناني ما يَجعلُه يشعر أَنه من وطنٍ غيرِ عاديّ.
وسعيد عقل إِن حكى، إِنما يحكي عن لبنان الحضارة والمجد، هذا الذي تَصطرعُ على أَرضه الغيومُ السُّود لكنه يُـقْـشِـعُـها بِجُذوره التي من عُمر التاريخ.
في وَداع سعيد عقل، نفتح كتابه “لبنان إِن حكى“، ونتعلَّم فيه كيفَ يكون الوطنُ الذي منهُ…
…. نَــرُودُ الأَرض، نَذري في كلّ شَطٍّ قُرانا
نَتَحَدّى الدنيا شعوباً وأَمصاراً ونبْني – أَنّى نَشَأْ- لبنانا
_____________________________