مُذهلٌ تَطَوُّرُ التكنولوجيا بين موسمٍ وموسم، بل لا نُغالي إِذا قُلنا بين يومٍ ويوم.
فأَمسِ الثلثاء أَطلقَت شركة “آﭘـّـل” (Apple) للإِلكترونيات من مركزها الرئيسي في ولاية ميشيغان سبعةَ اختراعاتٍ جديدة أَبرزُها التلفون الذكيّIphone 6، والساعة الذكيّةIwatch. وإِذاIphone بات معروفاً في العالم بميزاته وخدماته، ففي الساعة الجديدة خدماتٌ شتى بين أَحوال الطقس وقياس المسافات وأَجوبة أُخرى يَطلبُها حاملُ الساعة فتُجيبُه.
والأُسبوع الماضي في معرض برلين للإِلكترونيات أَطلقَت شركةASUS التايوانية ساعتها الذكيّة الأُولىZenWatchحاملةً أَحدثَ مكتشفات الكومــﭙــيوتر، منافِسَةً بها شركَتَي سامسونغ وموتورولاّ بذكاء خدَماتها وجديد أَدائها.
يعنينا نحن من هذَين الحدثَين، عدا استهلاكِنا نتاجَهُما، أَنّ الأَوّل تُحقِّقه شركة “آﭘـّـل” (أَي “التفاحة” بِرَمزها ورَمزيَّــتِــها)، وأَنّ الآخر، لترويج الساعة الإِلكترونية الجديدة، استعانَ بعبارة جبران: “تَـحَوَّلَ الزمن…فتَغَيَّرْنا”، وهي مأْخوذة من كتابه الإِنكليزي “رَمل وزبَد”، وعبارته الكاملة هي: “تَحوَّل الزمَن فتَغيَّرْنا. تَقَدَّم فحفَّزَنا على التحرُّك. كشَفَ عن وجهه فأَلهَمَنا بانبهارٍ وانتعاش”.
هنا الفارقُ والفراقُ بين تفكير الغربيين وتفكيرنا.
وإِذا كانت التكنولوجيا قصَّرت المسافةَ المكانية بيننا وبينهم، فالمسافةُ الزمنية لا تزال هائلةَ الشَّسَاعة.
هنا الفارقُ والفراقُ بيننا وبينهم، بين تفاحتِهم وتفاحتِنا، بين جُبرانهم وجُبراننا.
تفاحتُهم لثورة التقدُّم التكنولوجي حاملِ رفاهَ الحياة وسهولةَ التواصل وسرعةَ التلاقي لزيادة الإِنتاجية والتحفيز وخلْق فرص العمل، وتفاحتُنا لاعتناقِنا البَبَّغائيّ أُسطورةَ آدم وحواء مُغْريتِه بأَكْل التفاحة، وتردادِنا غباءَ المقولة البلهاء “نفِّخْ عليها تَنْجَلِ” يَصْحَبُها نَفَسُ أَركيلة بنكهة التفاح في مقهى عاطلين عن العمل والسُّبْحةُ تُطَقْطِقُ بين أَصابعَ عقيمةٍ عن كل عطاء.
تفاحتُهم لنباهة اختراعات، وتفاحتُنا لـ”نَكاهة” أَركيلة.
زمانُ جبرانهم تحفيزُ الوقت واستخدامُه لتطوير البشرية عِلْماً واكتشافاتٍ واختراعاتٍ واستثماراتٍ ونهضةً اقتصادية مُشْرقة، وزمانُنا تَخَلُّف في الصراعات الدينية والطائفية، وعَيشٌ مُظلمٌ في مجاهل القرون الوسطى.
زمانُهم تكنولوجيّ، وزماننا تِيُولوجيّ. زمانُهم ناسوتـيّ يقفزُ من اكتشافاتِ الغد، وزماننا لاهوتي يزحَف بِـكُشُوفات الماضي.
“تَـحَوَّل الزمَن فَــتَــغـيَّـرْنا”، كما كتبَ جبران واستعملوا عبارتَه في اختراعهم الجديد؟؟؟
صحيح: زمانُهم تَغَــيَّر نحو الترقِّي والاستدراك، وزمانُنا لم يتغيَّر وما زلنا في التلقّي والاستهلاك.
زمانُهم تَـحَوَّلَ فَتَغَيَّروا، وزماننا لم يتحوَّلْ ولا نحن تَغَيَّرنا.
وبين تفاحة “آﭘـّـل”(Apple) الأَميركية وزمان شركة ASUS التايوانية يتحرّك الآخرون إِلى عِلْم يُطَوِّر العالم، ونقف نحن في عالَم جامدٍ كلُّ تَطَوُّره أَنه… لا يَــتَــطَــوَّر.
__________________________________________