في مثل هذا اليوم بالذات (31 آب) قبل 150 سنة تأَسَّسَت أَولُ بلدية في لبنان.
كان ذلك في دير القمر نهار 31 آب 1864. منها بدأَ عهدُ البلديات في لبنان والشرق الأَوسط، وقَبْلها لم تكن صيغةُ المجالس البلدية معروفةً في هذه الناحية من العالم.
لـهذه المناسبة أَصدرَت “جامعة آل نعمة” كتاباً خاصاً بالحَدَث، لأَنّ منها أَوّلَ رئيسٍ معيَّنٍ لتلك البلدية
الأُولى: بشارة أَبي غندور نعمة، تلاه مباشرةً أَوَّلُ رئيسٍ لتلك البلدية منتخَبٍ: نادر بو عَكَر نعمة.
الكتاب من 104 صفحاتٍ حجماً كبيراً في اللغتَين العربية والفرنسية، مزوَّدٌ بمجموعةٍ نادرةٍ من الصُّوَر الفوتوغرافية والوثائق والمخطوطات غير المنشورة، وبمقدمةٍ من رئيس الجامعة الحاليّ العميد الركن المتقاعد أَدونيس جوزف نعمة.
هكذا دير القمر، وكانت عاصمة جبل لبنان في فترةٍ خصيبة، دشَّنَت عهدَ العمل العام في المجتمع المدني بعدما كان قبلُ قصراً على السلطة المركزية الحكومية.
في الكتاب نصٌّ مُسهَبٌ عن تاريخ البلديات في متصرفية جبل لبنان بعد دير القمر، وكانت خاضعةً للمجلس الإِداري اللبناني بينما البلديات في المناطق الأُخرى كانت مرتبطةً بوزارة الداخلية العثمانية في اسطنبول.
بعد 14 سنة على إِنشاء أَول بلدية في دير القمر، تقدَّمَت مدنٌ وبلداتٌ من المتصرّف بعرائض لإِنشاء بلديات فيها فتأَسسَت سنة 1878 بلديةُ زحلة وبلديةُ جونيه (مع عضوَين من طبرجا والعقيبة)، وسنة 1879 بلديةُ جبيل وبلديةُ البترون، وسنة 1880 بلديةُ بشرّي وبلديةُ بسكنتا. أَما خارجَ متصرفية جبل لبنان فتأَسَّست بلديةُ بيروت سنة 1867 بقرارٍ من وزير الداخلية في اسطنبول.
ويعود الكتاب تفصيلاً إِلى أَوّل رئيسين ديرانيين: بشارة أَبي غندور نعمة (وكان من أَبرز وجهاء البلدة)، ونادر بو عَكَر نعمة، خلَفَه ابرهيم أَديب نعمة والدُ أُوغست باشا أَديب نعمة أَوَّلُ رئيس وزراء لبناني في أَوَّل حكومةٍ للبنان الكبير سنة 1926 (وهو خال الرئيس كميل شمعون).
ومن هذه العائلة الديرانية، كما يَذكُر الكتاب: الحاج كيوان نعمة (مُدبِّر الأَمير فخرالدين)، الـﭙـروفسور هنري شاوول نعمة طبيبُ هتلر في أَلمانيا، الطبيبُ وليم نعمة صاحب قصيدة “يا لورُ حبُّكِ”، الشاعر ميشال نعمة صاحبُ مجلة “الانطلاق” وأَحد مؤسسي “حلقة الثريا” الأَدبية، الصحافي أَلْــبِر أَديب نعمة صاحب مجلة “الأَديب” وأَوَّل مديرٍ للقسم العربي في إِذاعة “راديو الشرق”، النقيبُ في الدَّرَك المؤَرِّخ جوزف نعمة، وآخرون كثيرون تَبَوَّأُوا أَعلى المناصب الحكومية والوطنية في لبنان والخارج.
هذا الكتاب من “جامعة آل نعمة” وثيقةٌ، لا للعائلة وحسْب ولا لدير القمر وحسْب، بل لحقْبةٍ نابضةٍ من تاريخ لبنان أَعلامُها تَركوا أَثراً ما زال حياً في الوطن حتى اليوم.
وفي قلب لبنان مرايا كثيرةٌ تعكس أَعلاماً وأَعمالاً وعلاماتٍ، في صَدَارتها مدينةُ اليُوبيلَين الماسيَّين: دير القمر، المدينةُ الماسيَّةُ على صدر لبنان.
___________________________________________
http://claudeabouchacra.wordpress.com/2014/09/04/