ندوة أيار 2014
حكاية البـيـت التراثي اللبناني من فُـتْـحَـة الــدَّرفَـة إِلى فُـسْـحَـة الـشُّـرفَـة

May Invitation Card_Page_1May Invitation Card_Page_2

May Invitation Card_Page_3     May Invitation Card_Page_4

مركزُ التراث اللبناني: حكاية البـيـت التراثي اللبناني

انطلاقاً من أنّ التراثَ المعماريَّ جُـزءٌ نابضٌ من تُــراثِـنا الوطنيّ، عقد “مركز التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأَميركية (LAU) لقاءً حول: “البيت اللبناني – من فُـتْـحَـة الــدَّرفَـة إِلى فُـسْـحَـة الـشُّـرفَـة- لـمـحـةٌ مـعـمـاريةٌ تـاريخيةٌ عن مـراحل البـيـت اللبناني”.

حضرَ اللقاء ممثل رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان مدير عام التربية فادي يرق، الوزير السابق ناظم الخوري، المستشار الرئاسي السفير بهجت لحود، رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا، وحشدٌ من المهتمّين بالشأن المعماري.

افتتح اللقاء مدير المركز الشاعر هنري زغيب منوّهاً بــ”التنوُّع الذي ينتهجه مركز التراث اللبناني في الإحاطة بنواحٍ متنوعة ومتعددة من التراث حتّى يتمّ حفظه بالطرق الفضلى تدويناً وتسجيلاً وحفظاً كي يبقى إرثاً نابضاً من جيلٍ إلى جيل”.

المداخلة الأُولى كانت للمهندس المعماري الدكتور أَنــطوان لَـحُّـود، الاختصاصي في ترميم البيوت التراثية وفي الهوية المعمارية للبيت اللبناني والأستاذ في الجامعة اللبنانية الأميركية، وهو اتّخذ بلدته عمشيت نموذجاً للبيت اللبناني التراثي.

وأوضح أن البيت اللبناني، حتى القرن الخامس عشر، كان بدون شخصية، مبنيّاً بعناصر مُحيطه العَمْشِيتيّ: سقفُهُ من طينٍ وتراب، وأَخشابُهُ من شجر الـتـوت والزّنـزلخت المنـثـورة حوله. ومع دخول القَزّ إِلى البلاد نشأَ “بـيـتُ الحرير” فأَعطت دودةُ القَـزّ نمَطاً هندسياً جديداً شهِدَ مشاركةً عائليةً في المدخول، وبرَزَ دورُ المرأَة عملياً في مراحل إِنتاج الحريـر.

ومع تنامي القز والحرير، بدأَت ظاهرة السفَر إِلى إِيطاليا (توسكانا عُموماً) للتسويـق والمتاجرة، ووصلت الإِرساليّات الأَجنبية إِلى لبنان فأَخذ يظهرُ في البـيـت اللبناني رُواقٌ خارجيّ وطبقةٌ ثانيةٌ ذاتُ دَرَج خارجي لبُلُوغها. ثم ظهر البهْو الداخلي، والـمَنْدَلُون المزدوج رمزُ الرجل والمرأَة معاً، وعند أَسفله حوضُ زُهور كأَنه دعوةٌ إِلى الطبيعة لتَدخُلَ البـيـتَ وتنشُرَ فيه نَسماتِ العطر عبر الـمَنْدَلُون الـمُـزَهِّــر. وهكذا بدأَت عناصرُ معماريةٌ جديدةٌ تدخُل البـيـتَ اللبناني: القرميدُ من مرسيليا، والرُّخامُ من كارارا، وظهرَت الرُّسومُ والنقوش على الجُدران فدَخَلت الأَلوان إِلى البـيـت سُكَّاناً وملابس.

ومن التطور أيضاً: ظهرت أَمام البـيـت ساحةٌ مُبَلَّطةٌ فاصلة بـيـن العام والخاص، وبَدَلَ الحجارة كما في الساحل الإِيطالي، كانت الـمَساحةُ الفُسَـيـفِـسـائِـيَّـةُ من حَـصى شاطئ البحر في عَمشِيت. وظهرَت الشُّرفة تُطْلقُ البيت اجتماعياً فانفَتَحَت بقناطرها الثلاث وخرجَ ساكنو البـيت إِلى ملاقاة جـيـرانهم في الحَيّ، وكان ذلك حَدَثاً جديداً لـتَـحَـرُّر البيت والإِنسان والـتَّـلاقي الاجتماعي بعدما كان أَهلُ الـبـيـت مَحصورين داخِلَه لا يَخرُجـون منه إِلا للمُغادرة.

وختم لحود بأن في عَمشِيت اليوم 45 بـيـتـاً مسجَّـلاً على لائحة الجَرد العام للأَبـنـيـة الـتـاريـخـيَّـة والأَثَـريَّة في لبنان.

بعده كان عرضٌ لصورٍ فوتوغرافية عن بيوت بيروت التراثية بأبوابها ونوافذها وأدراجِها وأروقتِها، وهي من مجموعة المهندس المعماري بهاء رفاعي، تلتْها مجموعة لوحاتٍ زيتية من بُـيُـوت بـيروت الـتـراثـية بريشة الفنان الكبير مصطفى فروخ.

المداخلة الأخيرة كانت للمهندس المعماري الدكتور أَنـطوان فِشْفِش رئيس قسم الهندسة المعمارية في جامعة الروح القدس الكسليك، وهو اتّخذ من بلدته دوما نَـموذَجاً للبيت اللبناني التراثيّ، بدءاً من تعريف دوما على 1100 متر في حضْن الجبل، وتكـوين بيوتِها القرميدية مُـنْـبَسَـطاً في شَكل عقرب. وتحدث عن نشوء سوق دُوما التاريخيّ التُراثيّ، وهو أَكبر سوقٍ في الجبل اللبناني، يَمتدُّ على 15000 مـتـر مربَّـع، وفيه 105 أَبواب مَحالّ كانت بضاعتُها مُونةَ المنطقة بمعظم أَنواع الحاجات المنزلية والمهنية.

          وقال فشفش إن دوما هي البلْدة اللبنانية الوحيدة التي جميعُ بيوتِها محافَظٌ عليها رسمياً وشعبياً وسكانياً وجمالياً، وثمة مخطَّط تَوجيهي للمحافظة على البـيـوت الـتـراثية في البلدة، ومخطَّطٌ تفصيلي لِسُوقها العتيق.

خلالَ عصر الانحطاط ضاقَ العيش بأَهلها فأَقفَل السُّوق أَبوابه ونَـزحَ السكان إِلى المدينة فَـفَـرِغَـت البـيـوتُ وأَمسَت مهجورةً لا يُطِلُّ عليها أَهلُها إِلاّ صَـيـفاً أَو لُـماماً في مناسباتٍ خاصةٍ أَو عامة.

وشرح فشفش أن بُـيـوت دُوما ثلاث فئات:

          1) بـيـتُ الفلاّح اللبناني التقليدي، سقْفُهُ من طينٍ وتُراب، وأَخشابُه من أَشجار المحيط.

          2) البـيـتُ ذو الإِيوان: وهو فسحةٌ داخليّةٌ لاستقبال الضيوف وتَمضية الجلْسات العائلية.

          3) الـبـيـتُ ذو البَهْو الوسَطي: وهو المعروفُ عادةً بقـنـاطره الـثـلاث.

وأوضح أن في دُوما نسيجاً مُدُنيّاً واجتماعياً خاصّاً يتلاءَم تَـوازياً وهندسةَ بـيـوتها معمارياً وتراثياً وجمالياً، ويحافظُ على تاريخِها الوطني والثقافي، هي التي كانت رائدةً سبّاقةً في أَكثرَ من مجال وقطاع. وختم بأن دُوما خضعت لتأْثير تحوُّلاتٍ اجتماعيةٍ وعُمرانيةٍ وزراعيةٍ وصناعية، وظلَّت محافظةً أَمينةً على طابعها العُمرانيّ والمعماريّ. وهذه فَـرادتُـها بـيـن البلْدات اللبنانية ذاتِ الطابَـع الـتـاريخيّ والـتُّـراثيّ.

          وفي ختام اللقاء أعلن مدير المركز هنري زغيب عن الموعد الأخير لمحاضرات هذا الموسم: الاثنين 2 حزيران المقبل بندوة حول 50 مقال مجهول لأمين الريحاني نشرها في جريدة “الهدى” النيويوركية بين 1901 و1904.

CLH2 CLH1