حرفٌ من كتاب-الحلقة 165
“صُوْر السيرة والمدينة”- علي خليل بدَوي
الأَحـد 20 نيسان 2014

TYR

عن المؤَرِّخ الفرنسي ﭘـول موران عبارتُه الشهيرة: “صُوْر وصيدا مديـنَـتَـا صيّادين كانتا في حقْبة من التاريخ كلَّ تاريخ العالم”.

          عظمةٌ تاريخيةٌ لـمدينتنا اللبنانية العريقة أَقـرَّ بها الباحثون والدارسون والمؤَرِّخون لِـما كانت عليه من مجدٍ في العصُوْر الغَوَابر.

          فِلْذَةٌ من هذا الـمجد يُضيئُها هذا الكتابُ أَمامي الآن: “صُوْر السيرة والمدينة” لعلي خليل بدَوي: 128 صفحة قطْعاً كبيراً طباعةً أَنيقةً وورَقاً صقيلاً بإِصدار بلدية صُوْر وتقديم رئيس بلديتها عبدالمحسن الحسيني، ومجموعةٍ جميلةٍ من الصُوَر الحديثة معظمُها بكاميرا منير نصر.

          يوضح الكاتب في مستهلّ كتابه أَنّ لصُوْر تاريخاً حضارياً مميَّزاً يمتَدُّ لآلاف السنين أَيام كانت المدينة مركزاً مدنياً وحضارياً رئيساً بين حواضر العالم لم يقتصر وهجُه على الساحل اللبناني وفلسطين وسوريا حتى مصر وبلاد ما بين النهرين بل بلَغ أُوروﭘـا وشمال أَفريقيا حيثما أَسَّس الصُوْريُّـون مُدُناً وركَّزوا حضارات.

          في الكتاب أَربعةُ فصولٍ كبرى افتتح المؤَلّف أَولها بموقع صُوْر الجغرافيّ، بأَقدَمِ أَثَرٍ للإِنسان فيها يعود، وَفْق الحفريات الأَثرية، إِلى بداية الأَلف الثالث قبل الميلاد، وباسم صُوْر العائدِ اشتقاقاً إِلى الصخر بالمعنى الفينيقي. وعن المؤَرّخين القدامى أَنْ فيما كانت معظمُ مُدُن الساحل تتخبَّط في عدَم الاستقرار كانت مملكةُ صُوْر مستقرَّةً وتُخطِّط للتوسُّع، حتى عرفَت على عهد حيرام تطوُّراً عُمرانياً مميَّزاً وفريداً إِذ ردَم حيرام البحر ووصَل الجزيرةَ الكبيرةَ بالجزيرة الصغيرة التي عليها معبد الإله ملقرت، وأَكمل توسيعَ مملكته.

          ويتوسع هذا الفصلُ الأَول إِلى صُوْر أَيام البابليين فالفُرس فالرومان فالبيزنطيين فالعرب، وما كان لها من ريادةٍ في الزُّجاج الصُوْري فالأُرجوان فاختطاف زوس كبير الآلهة الصبيةَ أُوروپ بنتَ ملِك صُوْر.

          في الفصل الثاني تفصيلٌ مُصَوَّر للمواقع الأَثرية في صُوْر: كنائس الطريق البيزنطي، قوس النصر، الطريق الروماني، قنوات المياه، طريق المشاة، ميدان سباق العربات، طريق الموزاييك، المسرح المربّع، خزّانات المياه، نبع حيرام، وسواها الكثير.

          ويمرُّ الفصلُ الثالث على معالِمِ صُوْر القديمة ومنها: خان الأَشقر، المسجد القديم، مسجد الإِمام عبدالحسين شرف الدين، كنيسة القديس توما، كنيسة سيّدة البحار، السراي القديم، أَسواق صُوْر، مرفَأُها والصيَّادون وُصُولاً إِلى مهرجانات صُوْر.

          والختام، فصلاً رابعاً، بمنطقة صُوْر: قانا، ينابيع وبُرك رأْس العين، تل النبي معشوق، مقام النبي عمران، والبرج الشمالي.

          كتاب “صُوْر السيرة والمدينةسياحةٌ تاريخيةٌ أَثرية ثقافيةٌ ممتعةٌ في ماضي صُوْر وحاضرها حاضرةً لبنانيةً مُشعَّةَ التاريخ في الحضارة، ما جعل ﭘـول موران يـُؤَكِّد أَنْ “ذاتَ حقْبةٍ من التاريخ كانت صُوْر وصيدا كلَّ تاريخ العالم”.