أَزرار- الحلقة 827
يَــســتَــنْــكِــفْــنَ
السبت 18 كانون الثاني 2014

          كيفما تقلّبَت تسريـباتُ التشكيلة الحكومية،لم يقرأ المواطن اسم امرأَة واحدة في ما شاع. مضى الانصراف إِلى الوزارات “السيادية”، وإِرضاء هذا أَو ذاك من زعماء القبيلة وأَولياء العشيرة الذين لا يبدو في بالهم أَنّ في لبنان سيّداتٍ رائعات ثقيفات ناشطات يُـمكن أَن يتولَّين شؤونَ غير وزارة ويبرعْنَ فيها أَفعل من حَومة رجالٍ يتولّونها بـمُحاصصةٍ طائفية أَو حزبية أَو سياسية.

          ويتابع المواطن ما يجري في بلدان العالم من تَوَلّي الـمرأَة مسؤولياتٍ عُليا تبدأُ من رئاسة البلاد وتتواصل إِلى حقائب وزارية ومقاعد ﭘـرلُـمانية، بينها عن تقرير الاتحاد الأُوروﭘـي (أَيار 2013) أَنّ في ﭘـرلُـمانات بلدانـه 30% سيّدات، بينهنّ 45% فرنسيات (في ﭘـرلُـمان السويد وحدها 46% سيدات)، فيما تحتل السيّدات 20% من مجموع ﭘـرلُـمانات العالم. وحكومياً: في حكومات الاتحاد الأُوروﭘـي 26% سيّدات، بينهنّ 48% فرنسيات، و54% وزيرات في السويد. وحتى نهاية 2012 كانت 10% من مجموع بلدان العالم في رئاسة سيّدات.

          ليس للكفاءة جنسٌ ولا للمواهب. مثالٌ لافتٌ؟ هي ذي سيّدة في فرنسا تولَّت تباعاً، بين 2007 و2011، أَربع حقائب وزارية: الخارجية، العدل، الداخلية، الدفاع. سيّدة واحدة اسمها ميشالّ إِيليو ماري.

          وفي لبنان سيداتٌ كَفيّات لَسْنَ أَبداً أَقلَّ فاعليةً من هذه أَو تلك بين سيدات العالم الـمُتولّيات أَعلى الـمَناصب.

          ولكن…

          هل الـمرأَةُ اللبنانية القادرةُ القديرة “متلهِّفةٌ” فعلاً إِلى دخول الحُكْم؟ أَليس أَنها، وسْط هذا الكرنـﭭـال السياسي الـقبـيح، تأْبى أَن تشاركَ فيه أَو تُسهِمَ في تنشيطِه وتفعيلِه وإِيغاله في ما يعـتَـوِرُه من مصالح شخصية وظواهر شخصانية ومظاهر لا تبشّر بأَنّ في الأُفق ملامحَ بناء دولة الـمَواهب لا عشيرة الـمَذاهب، ودولة الكفاءات لا مزرعة الـمحسوبـيات؟

          بلى: في لبنان سيداتٌ جديراتٌ بعُليا الـمَسؤُوليات في الحكْم والإِدارة والـمفاصل الرئيسة من الدولة، لكنني أَحسَب أَنّ كثيرات منهن يَعتذِرْن أَو يَرفُضْن أَو يَستـنْكِفْنَ عن قبول الـمُشاركة في سلطة تنفيذية أَو تشريعية، حفاظاً على صورة الـمرأَة اللبنانية التي ترى رصيفاتِها في الحُكْم غيرَ قادراتٍ كلّياً على بسط التغيير المطلوب.

          نعم: في لبنان سيداتٌ بارعاتٌ مبدعاتٌ ذواتُ حضورٍ ساطع في حيثما هُنّ، لكنّ وطناً يتلكَّأُ مسؤُولون فيه عن إِصدار قانون لرفع التعنيف عن المرأَة، لا يُرجى منه بعدُ أَن يتنحّى ذُكُوره عن مقاعدهم وحقائبهم لتَشْغَلَها سيداتٌ يُـمكن أَن يَكُنَّ في العالم وجهاً مُشرقاً لـحَضارة لبنان.