لأنَّك كرَّسْتْ سْنِينَكْ تِمشي عَ دْرُوب الإيمانْ
جايي يِتْبارَك بِيَمينَكْ يِفتَحْلَكْ قَلْبُو لبنانْ
عَ أَرضو نَبْض الجَليلْ طالِع من فَجْر العُصُورْ
وبْيِرْوي حَرْف الإنجيلْ عَن مَلامِح صَيْدا وْصُوْرْ
وب قانا الأَهالي شِهْدُو للرّسالِه اللي ضَوِّت الزمانْ بِلبنانْ
مِن مَناسِك قَنُّوبينْ لَ نِضَال الحرّيِّه
تْوَحّد شَعبُو بالتَّكوين الكتُب السَّماويِّه
وْسَلامَكْ ينْعادْ للشّرق الإرشادْ عَ دْرُوب الإيمانْ من لبنان
يوم اتّصلَ بي المسؤُول عن تنظيم رحلة البابا بِنِدِكْتُوس السادس عشر إِلى لبنان طالباً نشيداً للبابا وللبنان في استقبال البابا، قال لي إِنّه سيكون النشيدَ الرسمي للمناسبة. كتبتُ النشيد الذي استهلَلْتُ به هذه الحلقة، ولَحَّنَه الياس الرحباني وسجَّلَه بأَصواتٍ كوراليةٍ واكبَت الزيارة البابوية وأَذاعتْه مراراً محَطاتُ الإِذاعة والتلﭭزيون.
غير أَنني افتقدتُ هذا النشيد حين وصلَني قبل أَيامٍ كتاب “الزيارة الرسولية إلى لبنان” صادراً عن المركز الكاثوليكي للإِعلام في 252 صفحة قَطْعاً موسوعياً في إِخراجٍ طباعيٍّ أَنيقٍ يَزْخَرُ بِصُوَرٍ كثيرةٍ مصاحبةٍ نصوصَ الكتاب الذي تابعَ كرونولوجياً أَيامَ الزيارة الثلاثة (الجمعة 14- الأَحد 16 أَيلول 2012) تتصدَّرُه ثلاث مقدِّمات للكاردينال الراعي والمطران مطر والسفير البابوي كاتشا.
في اليوم الأَول مراسمُ استقبال في المطار حيث كلمةُ رئيس الجمهورية وجوابُ البابا الضيف شاكراً للرئيس دعوتَه لزيارة لبنان، ثم الانتقال إِلى بازيليك القديس بطرس-حريصا لتوقيع الإِرشاد الرسولي، وكان خطابٌ للأَب الأَقدس فخطابُ البطريرك لحام.
يبدأُ اليوم الثاني بالقدّاس الصباحي في مزار سيدة لبنان-حريصا، انتقل البابا بعده إِلى القصر الجمهوريّ حيث كانت من جديدٍ كلمةٌ من الرئيس سليمان تَلَتْها كلمةُ البابا قبل الاستقبال الرسمي والشعبي. بعدها انتقل البابا إِلى بطريركية الأَرمن الكاثوليك في بزمَّار حيث أَلقى البطريرك نرسيس بطرس التاسع عشر كلمةً أَجاب عنها البابا الضيف، وتحرَّكَ بعدها إِلى باحة بكركي للقاء آلاف المنتظرين من شبيبة لبنان أَلقى فيهم خطاباً أَبَوياً توجيهياً أَجاب عنه البطريرك الراعي وأَخلى المنبر لكلمة الشبيبة اللبنانية.
اليوم الثالث الأَخير افتتحه قداسٌ حبري على شاطئ بيروت التاريخي أَلقى عنده البابا عظةً بليغةً أَجاب عنها البطريرك الراعي قبل أَن يلقي قداستُه خطاباً سلَّمَ بعدَه نصَّ الإِرشاد الرسولي إِلى بطاركة الشرق، ثم انتقل إِلى دير الشَّرفة في درعون حيث أَلقى خطابه قبل الأَخير، وتوجَّه بعدَه إِلى المطار ليُلقي خطابَه الوَداعيّ ويُصغي إِلى كلمة الوَداع الرسمية من رئيس لبنان.
ختامُ نصوص الكتاب كلمةُ قداسة بِنِدِكْتوس السادس عشر في الڤاتيكان بعد ثلاثة أيام على زيارته اللبنانية، ليقول فيها: “زيارتي الرسوليةُ لبنانَ كانت أَياماً استثنائيةً وَحَدَثاً كَنَسِيًّا مُؤَثِّراً في بلدٍ واقِعُهُ مُعَقَّدٌ لكنه مثالٌ لكلّ المنطقة بالعيش المشترك فيه والتعاون الفعّال بين مُكَوِّناته الدينية والاجتماعية، ما يجعلُ شعبَ لبنان شاهداً على سلام حقيقي يولَدُ من الإِيمان بالله”.
الكتابُ انتهى، والزيارةُ انتهَت، وانتهَت بابوية بِنِدِكْتُوس السادس عشر بِانسحابه طَوعاً إِلى خَلْوَته في ديرٍ على ضفاف الڤاتيكان منقطِعاً إِلى الصلاة والتأَمُّل.
لكنّ زيارتَه لبنانَ تَبقى شَهادةً تاريخيةً عصريةً لمَنارة لبنان الاستثنائية الساطعة على ميناءِ هذا الشرق.