حرفٌ من كـتاب- الحلقة 151
” أَمين وليلى – سيرة حياة”- رمزي الحافظ
الأَحـد 12 كانون الثاني 2014

vdl_151_Amine & Layla

            “إِلى جميع الذين ينحازُون مثلَهما إِلى الإِنسان، وهو لديهما أَسمى قضية“.

          بهذه العبارة افتتح رمزي الحافظ سيرة والدَيه التي سَهِرَ على إِصدارها في كتاب “أَمين وليلى” بعنوانه الثانوي “نشأَةٌ ونضالٌ وحُبٌّ والتزامٌ وسياسةٌ وثقافةٌ وأَدب… في قرنٍ عاش خلالَه أَمين الحافظ وليلى عسَيران”.

          الكتاب من 436 صفحة قطعاً كبيراً، صدَرَ عن “منشورات رياض الريّس” مزوَّداً، إِلى فصوله التسعة، بمجموعة صوَرٍ استعادية للرئيس أَمين الحافظ وزوجته الكاتبة الأَديبة ليلى عسَيران.

          إِنها حكايةُ عمرٍ يرويها هذا الكتاب: سيرةُ سياسيٍّ كانت له محطاتٌ بارزةٌ في تاريخ لبنان الحديث، نائباً وزعيماً ورئيسَ حكومة، وأَديبةٍ ملتزمةٍ ذاتِ مؤَلّفاتٍ ومقالاتٍ وتحقيقاتٍ سَجَّلَت فيها مواقفَ نابضةً بقضية الإِنسان في لبنان.

          بعد فاتحة الفصول بسيرة الإِمام اسماعيل حافظ نهضوياً كبيراً إِبّان تحوُّلات مصيرية في لبنان والدول العربية، ينتقل الكتاب إِلى ابنه أَمين الذي حبا خطواتِه الأُولى في القدس قبل أَن يعود إِلى مدينته الأُم طرابلس حيث تَيَتَّم باكراً بفقدان والده الإِمام، ونشأَ في فترة التحوُّل إِلى الاستقلال وشارك في تظاهرةٍ حاشدة ضدّ الفرنسيين سقَط له فيها صديقان. ومع انتهاء مرحلته الثانوية قَصَد القاهرة منتسباً إِلى جامعة فؤَاد الأَول ومخالطاً مجالسَ الأُدباء والمفكّرين المصريين الكبار. وبعد تخَرُّجه انتقل إِلى جامعة لوزان وجعل يكتُب إِلى بيروت مقالاتٍ نشرت اسمه وشهرته تدريجاً في رحاب الوطن، على صفحات جريدة “الحياة” ثم “الجريدة”.

          ويسرد الكتاب نشأَةَ ليلى عسيران في مصر حيث عرفَت مطالعَ قصةِ حبٍّ لم تكتمل، وعادَت إِلى بيروت صبيةً ملأَى بالطموح، وانتسبَت إِلى الجامعة الأَميركية التي كان أَساتذُتها طليعة الفكر في خمسينات القرن الماضي، وأَخذَت تكتُب مقالاتٍ في جريدة “المحرر” وتنتمي إِلى حلقات التحرُّر والأَحزاب الطليعية في تلك الحقبة، حتى استقرّ بها العمل في “دار الصيّاد”.

وذات ليلةٍ، في شارع بْلِس، بين مطعم “أَنكِل سام” و”مطعم فيصل”، التقَت للمرة الأُولى الصحافي أَمين الحافظ الذي ستَبني معه حياةً عامرةً بالحُب والنضال والعمل منذ زواجهما في 8 أَيار 1958.

          وبدأَت حياةٌ مشتركةٌ بين أَمين الذي أَصبح نائباً، وليلى التي وطَّدَت نضالَها فعلاً وعمَلاً وكتابة، حتى بلغ زوجُها الدكتور تكليفَ الرئيس سليمان فرنجيه إِياه بتشكيل حكومةٍ في 18 نيسان 1973، شكّلها في 25 نيسان بعد تعثُّرٍ أَدّى إِلى استقالته واستقالة حكومته بعد فترةٍ وجيزة.

          ويكمِل الكتابُ إِلى فصول زعامةٍ مُرّة، وحَربٍ مريرة، وهُجرةٍ أَمرَّ وأَقسى، وكانت معاركُ مُضْنيةٌ، وكانت ليالٍ في “حي القلعة” نسجَت منها ليلى خطوطَ روايتها “قلعة الأُسطا”، بلوغاً إِلى مواقفَ صعبةٍ في خريف العمر.

          أَحسنَ رمزي الحافظ بإِصداره هذا الكتابَ عن والدَيه، وفيّاً لهما في أَمانة البُنُوَّة، فالرئيس أَمين الحافظ نقطةٌ ناصعةٌ في مرحلةٍ صعبةٍ من تاريخ لبنانَ الحديث، وليلى عسيران نضالُ قلمٍ حادٍّ ظلَّ يقاوم حتى توقَّف فيه النبْض، لكنّ نبضَه متواصلٌ في كُلّ ضميرٍ يعي أَهميّة الإِنسان في لبنان.