1126: سِــرُّ الوصفات السحرية !!
الأَربعاء 20 تشرين الثاني 2013

         كلَّما ازدادَ داخلَ الوطن الضبابُ الكثيفُ والدُّخانُ الأَسْوَدُ الخانق، تأْتينا نسمةُ ضوءٍ من خارج الوطن، فنُؤْمِن أَنّ داخلَه القياديَّ بائدٌ في مَـجال الحُكْم، وخارجَه الـمواطنيّ رائدٌ في كلّ مَـجالٍ إِبداعيٍّ وعلميٍّ وتُــراثيّ. مناسبةُ هذا الكلام، على التراثيّ خصوصاً، خَبَران: الأَوّل: عددُ مجلة “التايم” الأَميركية العالمية الانتشار، وعنوان غلافه هذا الأُسبوع “ربابنةُ الطعام – تعرَّفوا إِلى مَن ينصحونَكم ماذا تأْكلون وكيف”، وصورةُ ثلاثة خبراء عالـميِّين في الطبخ أَحدُهم من أَصل لبناني. والخبرُ الآخر: نَيلُ خبيرٍ آخر لبنانـيٍّ جائزةً عالـميةً كبرى في الطبخ من مدينة ليون. الذي من أَصل لبناني هو أَلِكْسي عطالله (اسمُه الأَصلي ميلاد اسكندر عطالله)، مولودٌ في ساو باولو سنة 1968 من والدَين لبنانيَّين هاجرا إلى البرازيل، وهو اليوم مدير مطعم “دوم” الشهير في ساو ﭘــاولو الـمصنَّفِ سادسَ أَشهر مطعم في العالم وأَوّلَ مطعم في أَميركا الجنوبية. وأَلكسي هو أَيضاً خبيرٌ في علْم النبات ومؤلِّفُ كتبٍ واسعةِ الانتشار عن فـنِّ الطبخ وأَفضل المأْكولات. واللبناني الآخر هو مارون شديد الذي فاز الأُسبوع الماضي بالشعار الذهبي لــمُسابقة “تَذَوُّق الأَكل والنبيذ” في سادسِ دورةٍ سنويةٍ تقيمُها في مدينة ليون الفرنسية جمعيةُ “القبّعات البيض”، وتكرّم أَفضل “شيف” قدَّم أَنْـجحَ صحنٍ حَضِّرَهُ مباشرةً أَمام اللجنة التحكيمية. وكان مارون فاز العام الماضي بالمدالية الذهبية لتحضيره صحن “صيادية” أَمام لجنة التحكيم في الذكرى الخامسة والعشرين لإِنشاء مطعم “لويس الخامس عشر” في موناكو. هذا نصفُ الخبر. أَما نصفُهُ الآخر فتصريحُ مارون شديد للصحافة الفرنسية والوكالات العالـمية أَنّ طُموحَه: “تقديمُ نوعيةِ طعامٍ تحمل خصوصية المطبخ اللبناني لِنشْر المآكل اللبنانية في العالم”. هنا نحن إِذاً: بين خارج لبنان والدّاخل. في الخارج لـبنانيون موهوبون بتحضير أَفضل وجبات الطعام ينجحون في طبخها وتقديمها إِلى العالم. وفي الداخل سياسيُّون موهوبون بتحضير أَسوإِ وجبات الحُكْم فاشلين في طبخ حكومة وتقديمها إِلى شعب لبنان. هناك ساحرو براعةٍ ومهارةٍ في إِعداد أَشهى المأْكولات. وهنا سَحَرةٌ فاشلون في إِعداد وصفةٍ سحريةٍ لتشكيل حكومة. هناك يُكتَبُ عنهم أَنهم بارعون في “كيف وماذا” تأْكلون. وهنا يُكتَبُ عنهم أَنهم بارعون في “كيف وماذا” يعرقلون. وبين الـهُناكَ والـهُنا تتَّضح الـمَسافةُ بين صُورةِ وطنٍ كما يرسمها أَبناؤُه الـمَوهوبُون، وصُورتِه كما يرسمها سياسيُّوه الـمَوهومُون.