… وماذا يفعل العالم ؟
السبت 28 أيلول 2013
-812-
ينشغل العالم اليوم بالبحث عن “أَرملة بيضاء” مشتبه بضلوعها في أَكثر من حادثة تفجير وتخريب واحتجاز وخطف رهائن، آخرُها في مـجمّع نيروبي التجاري.
بريطانية شابة دون الثلاثين، أُمٌّ لثلاثة أَولاد، فقدَت زوجها الإِرهابيّ الأَول بحادثة انتحاره مُفَجِّراً محطةَ قطارات الأَنفاق في لندن مسبِّباً مقتل خمسين وجَرح 700، وتزوَّجت من إِرهابي آخَر خطَّطَت معه عمليّات تفجير تالية، هو والد طفلها الثالث.
اعتنقَت الإِسلام، التحقَت بتنظيم “القاعدة”، وتُنشئُ أَولادها على “الجهاد” كي يواصلوا فيه طريقها. تلاحقُها المخابرات الغربية والأَفريقية “دماغاً مخطِّطاً عملياتٍ إِرهابية” تجعلها اليوم “أَخطر امرأَة في العالم”.
ما قضيّتُها هذه الــ”سامانتا لوثويت”؟ تقول إِنها “منحت حياتها لله” و”تخدمه” كـــ”واحدة من جنوده في الصومال”.
هي ذي إِذاً قضيَّتُها: باسم الله تخطِّط، لـ”خدمة الله” تدرِّب نساءً ليصبحن انتحاريات، ونفّذَت بالرجال عمليات انتحارية رهيبة أَودَت بالمئات إِلى الموت، بمئات الأَرامل إِلى الاتشاح بالسّواد، وبمئات الأَولاد إِلى الالتياح باليُتم الأَسود.
عدا معلومات تجمعها أَجهزة المخابرات، وتطارد “أَرملةً بيضاء” ترتدي الأَسود، ماذا يفعل العالم ؟
هذا العالم، بأُممه المتحدة ومجتمعه الدولي، ماذا يفعل ليدرأَ عن ضحايا مرشحين للموت خطرَ هذه البريطانية المجرمة؟
تدافع، هي، عن قضيتها؟ تقتل المئات باسم قضيتها؟ مستعدَّة للموت في سبيل قضيتها؟ تتخذ الله حجة لتنفيذ قضيتها؟
والعالم؟ كيف يواجهها؟ الجمعية السنوية العمومية لــ”الأُمم المتحدة” (هل هي فعلاً “متحدة”؟) شغلَت العالم بالبحث والحوار حول سلاح كيماوي سقط على غوطة دمشق ماحقاً ضحايا أَبرياء، وبالنقاش والمسايرة حول التخصيب النووي الإِيراني وخطره الشامل.
وماذا بعد؟؟
هذا الإِرهاب الرهيب يمارسه أُصوليون وجهاديون وتكفيريون يتّخذون الله ذريعةً والإِسلام سبيلاً للقيام بعمليات انتحارية وحوادث تفجير، والله الرحمن الرحيم منهم براء، والإِسلام العظيم منهم متبرِّئ، ماذا يفعل العالم كي يتدارك خطره الجاثم الداهم القائم؟
آلاف الضحايا يسقطون اليوم في هذا الشرق العربي التاعس، الواقع في حلبة ثيران هائجة يرسلها أَولياء الدول الكبرى، ثم يجلسون في مقاعد المتفرَّجين يتابعون تراكم الجثث المحروقة والمشوّهة ويَعُدُّونها كمن ينتظر انتهاء مباراةٍ لتهنئة الفائزين، مَن يهتمُّ لهم، هؤلاء القتلى في شوارع مصر وسوريا وتونس والعراق وأَخيراً في السودان؟
دول “كبرى”؟ أُمم “متحدة”؟ أَيُّ صورة لــ”كبرها” و”اتحادها”؟
هي ذي الصورة: العالم مشغولٌ بالتنظير لحقوق الإنسان، وأَرملة بيضاء “تناضل” من أَجل قضية ضد الإِنسانية، تُسبِّب باسم الله والدين موتاً كثيراً لكل أَرملة سوَّدت لها حياتها بثوب الحداد.