1109: مـُـؤسف… مـُـخجل… مـُـخزٍ

الحلقة 1109: مُؤْسِف… مُـخْجِل… مُـخْـزٍ
(الأَربعاء 24 تموز 2013)

فيما ينجلدُ المواطنُ اللبنانـيُّ يومياً بتصاريح السياسيين وأَخبارهم الـمُتَسَلْحفة بطيئةً على روزنامة الزمن: بين البحث في سْتراتيجية دفاعية وسحْب مرافقي السياسيين وطاولة الحوار وتناتُش المقاعد الوزارية وطبخ قانون انتخابٍ مرشَّحٍ أَن يبقى البحثُ فيه حتى القرن الثاني والعشرين، تتسارع أَحداثٌ خطيرةٌ لا تعالجها الدولةُ سريعاً لأَنها مُتَلهِّية، كـمرتا، بأُمور جَدَلية ديماغوجية نِزاعية، والمواطنُ متروكٌ لقَدَره الـمجهول الظالـم القاهر، في ظواهر مأْساويةٍ منها المؤْسف ومنها الـمُخجل ومنها الـمُخزي.
بين المؤسف: حادثة بيصور ومعاقبةُ زوجٍ قصاصاً على تَزَوُّجه صبيةً من غير طائفته. هاجت مشاعرُ الأَسى والأَسف وَفْقَ ثقافة الحدَث ومفهومه، بينما يغطُّ قانون الزواج الـمَدني الاختياري عميقاً في طريقه إِلى مجلس النواب، ولو أُقرَّ لكان الزواجُ اتَّخَذ سُلوكاً عادياً وانتهى الأَمر.
ومن الـمُخجل بين الأحداث: اغتيالُ كاتبٍ سوري في الصرفند واهتياجُ الأَوساط على أَنه اغتيالٌ سياسيٌّ أَثار مشاعرَ الخجل والوجل فيما تبيَّن من التحقيقات أَنها عملية اغتيالٍ وعنْف منزلي ناجم عن خلافٍ عائلي اغتنم منفِّذوها فرصةً مؤاتية من الأَمن المفقود المفتوح على جميع الاحتمالات، فلا حسيب ولا رقيب، وبلغ الأَمر حَدَّ تضليل العدالة في التحقيق إِذ أَصابع الاتهام تُشير إِلى الزوجة الـمُحَرِّضة التي خرجَت في جنازةِ زوجها القتيل مفجوعةً ملتاعة، ولو انّ الأَمن مستَتِبٌّ والعدالةَ هيبةٌ وحضورٌ لَـمَا أَقدمَت على فِعْلَتها الجرميّة.
ومن المخزي بين الأَحداث: وفاةُ ثلاثة أَطفالٍ في كفررمان اختناقاً واحتراقاً باشتعال فراشهم الذي صعَقَتْهُ النار في ليلةٍ غابَت عنها الكهرباء وحضَرت وسيلةُ تكنولوجيا أُخرى جعلت جهاز التخزين البطاريّ يَنفجر ويَحترق ويُحرق الفراش، ولو انّ الكهرباء كانت طبيعيةً ولا تنتظرُ أُعْجُوبةً تُقيم الْمَدام فاطمة غول من الـموت، لَـما كان الحريق حصَل ولا كان مات الأَطفال.
ومن المخزي كذلك وفاةُ ثلاثة توائم في أَحشاءِ أُمِّهِم لأَن المستشفى رفض استقبالَها قبل أَن تدفع الـمُسْبَق من التكاليف فأَخذ المسؤولون يتقاذفون المسؤولية هرَباً من تُهمة الإِهمال، ولو ان التطبيب مؤمَّنٌ لَمَا كان التأْخير حصَل ولا كانَ مات الأَجِنَّة.
ومن المخزي أَيضاً وأَيضاً وفاةُ زوجةٍ تحت ضربات تعنيف زوجٍ لم يرتدع عن فعْلته لأَن القانون لا يحميها من تعنيفها الذُّكوري. وقبل يومين هلَّل المهللون لتصديق المجلس النيابي على قانونٍ للعنف الأُسري لم يلحظ تحديداً تعنيف المرأة كأنما لا تستحقُّ أَن يَصدُرَ لها قانونٌ يحميها من جزّارها الرجل. ومن الـمُخزي أَخيراً أَن يكون مواطنٌ في سهَيلة كسروان ينظِّف سلاحَه الرشّاش فينطلقَ رشَقٌ منه يَقتل زوجتَه، ولو كان السلاح مَـمنوعاً من التداول مـحصوراً في الأَجهزة الأَمنية وحدها، لَـما كان حصَل ما حصَل ولَـما كانت ماتت الزوجة.
بلى… مؤْسِفٌ ومُـخْجِلٌ ومُـخْــزٍ هذا الذي يَجري. فهل استيقظَ الوحش في الإِنسان وليس مَنْ يَردَعُهُ عن بطشه الشرير؟ والوحش: هذا التدَهْوُر في الأَمن الاجتماعي جرَّ الـمُواطنَ الجلاّد والـمُواطنَ الضحيّة مَتروكَين لشريعة الغاب سائدةً على جميع الشرائع فيما العباقرةُ أَولياءُ الدولة يَجتمعُون ويتجمَّعون ويستجمعون للبحث في سْتراتيجية دفاعية وسحْب مرافقي السياسيين وقبولِ أَو رفض طاولة الحوار وحجز المقاعد الوزارية والتفكير في قانون الانتخاب. يَنشغلون بملفّات الأَمن السياسي والدفاعي والسْتراتيجي والناسُ ملفوفون بالخطر، منشغلون في أَخْذ الثأْر بأَيديهم لأَنّ القانون يَتَسَلْحَفُ بِبُطْءِ القُرفُصاء حتى باتَ لكُل مُواطنٍ قانونُ حارة “كلّ مين إِيدو إِلو”.
القيّمون على حُكْمنا والتحكُّم فينا لم يفهموا أَن الأَمن الاجتماعي هو الأَساس، ومتى تَأَمَّن الأَمنُ الاجتماعيُّ استتبّ الأَمن تلقائياً لأَن القانون يَطال ويُعاقب، واستتبّ الأَمنُ الدفاعيُّ تلقائياً لأَن المواطنين يُصبحون كُلُّهم جَبهةَ دفاعٍ مقاوِمةً عن الوطن، واستتبّ الأَمنُ السياسيُّ لأَن المواطنين يكونون فَهِموا مَن عَمِل لصالح الوطن فيُوصلونه إِلى الحُكْم، ومَن عَمِل لصالحه الشخصيّ فيَرميه الـمُواطنُ عند أَوّل سَلَّة مُهمَلاتٍ في قاعة الاقتراع يومَ الانتخاب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*