“نتكلَّم اللغة العربية”
السبت 15 كانون الأول 2012
-772-
بعد ثلاثة أَيّام (الثلثاء 18 الجاري) تَـحتفل منظَّمة الأُونسكو – للمرة الأُولى – بـــ”اليوم العالـميّ للُّغة العربيّة”، على غرار احتفال المنظّمة سنوياً بــ”اليوم العالـميّ” للإنكليزيّة والفرنسيّة والإسـﭙـانيّة والروسيّة والصينيّة.
وسيكون لــ”يوم العربيّة” في أَجندة الأُونسكو برنامجٌ سنويّ تتعاون إليه مع خبراء في حَرَم الأُونسكو (ﭘـاريس) وآخرين من دُوَل عربية كي يتعمَّم هذا “اليوم” أَنشطةً وبرامجَ رسميةً ومدرسيةً وجامعيةً وفكريةً على 422 مليون مستخدمٍ اللغةَ العربية في دولها من العالم العربي وفي المغتربات التي تستخدمها (تركيا، التشاد، مالي، السنغال، أَريتريا،…).
وإذا كانت هذه الدول فقط هي التي ورَدَت في تعداد الأُونسكو، فثمة دوَلٌ أُخرى أَخذَت تستخدمها وتدعو أَبناء العربية إليها في تسهيلٍ لـحاجاتهم أَو متطلّباتهم.
أَكتفي هنا بالعاصمة البريطانية لندن حيث تظهر عبارة “نتكلم اللغة العربية” على واجهات مطاعم ومـحالّ ومؤسسات تجارية كبرى أَبرزُها مـجمّع “هارودز” الشهير وعلى مداخل بعض أَجنحته دعوةٌ إلى الزوّار مستخدمي العربية لـدخول الأَجنحة والتَّبَضُّع منها.
وحين لدى أَكبر مركزِ تسَوُّقٍ في إِنكلترا وأَهمّ أَحياء لندن إعلاناتٌ عن اللغة العربية، فهي إذاً بلغت الـمعالِـم والمنابر الدولية معادِلةً أَيَّ لغةٍ عالَـميةٍ أُخرى يخاطب بها متلقّيها أَبناؤُها أَو مستخدموها، حتى أَنّ معظم الدول تعتمد لسفاراتها في الدول العربية دﭘـلوماسيين يفهمون العربية أَو ينطقون بها، لأَنّ للتواصل بها مع أَبنائها حيث هم، أَثراً نفسياً يرفد الدﭘـلوماسيّة بما يسهِّل التعامل معهم.
هكذا تَـجْمع اللغةُ أَبناءَها على تفاوُت ناتجهم القومي بين دولٍ غنيةٍ بالـﭙـترول والغاز وأُخرى فقيرةٍ بالـمَوارد، فترفع من حضورهم الدُّولي عاملَ تطوُّرٍ اجتماعيّ واقتصاديّ وأُفقَ انفتاح على العالم.
رواجُ اللغة إذاً ليس لـمجرَّد التباهي بأَعداد مستخدميها بل مرتبطٌ مباشرةً بالازدهار الاقتصادي الوطني والدولي.
وطالـما العربية بلغَت هذا الحدّ من العالَـمية في التواصُل والاتصال، فليس ما يعيقُ أَن تكون، في لسانها نفسه، لغةَ العُلوم والاقتصاد والتواصُل الإلكتروني دون انتهاكها في ركاكة مَن يكتبونها بأَحرف لاتينية للُغاتٍ مَـحكيّةٍ تُبعد متلقّيها عن أُصول اللغة وقواعدها، وتشوِّه استخدامها، وتُفسِد قواعدَها، وتَـجعلُها لغةَ تُـخاطبٍ هجينةً لا وجه لها ولا قياس، إذا تَواصَلَ استخدامُها بهذا الشكل فسيشكّل لها إِيذاءً تُسْهم فيه – ولو جزئياً – لغةٌ إِعلاميةٌ وإعلانيةٌ شَوهاءُ لا يرضاها أَبناءُ اللغة ويَـمجُّها متلقُّوها حيثما يكونون.
اللغةُ هي اللسان؟ صحيح.
لكنها أَيضاً عاملٌ اقتصاديّ وسياسيّ وتنمويّ إذا تَشَوَّهَ تَشَوَّهَتْ معه بُنْيَةٌ مُـجتمَعية لسكانٍ على كوكبنا يبلغون قريباً… نصف مليار.