767: أبداً: ليس للبنان “دياسبورا”

أَبَداً: ليس للبنان “دياسـﭙـورا”
السبت 10 تشرين الثاني 2012
-767-

جاءتْني مطلع هذا الأُسبوع دعوة إلكترونية من ﭘـاريس إلى احتفال لـ”الدياسـﭙـورا اللبنانية” في ذكرى الاستقلال.
ما زلنا نقع في خطإ التسمية نفسه: “الدياسـﭙـورا”. وهذه لا تنطبق أَبداً على الشعب اللبناني في العالـم.
أَعود إلى أَصل الكلمة. في المصطلح أن “دياسـﭙـورا” تعني “شعباً في الشَّتات، مطروداً من دياره، مُشَرَّداً بلا أَرض ولا وطن”.
وسرى هكذا مفهوم كلمة “دياسـﭙـورا” في القواميس والمعاجم وحديثاً في المواقع الإلكترونية.
فهل اللبنانيون في العالم مَطرودون من بلادهم، مشرّدون في الشَّتات لا أَرض لهم ولا وطن؟
أَبداً. هذا لا ينطبق مطلقاً على لبنان واللبنانيين.
لنا أَرضُنا التاريخيةُ المقدَّسة التي نعتزّ بها بالانتماء إليها، ولنا عليها وطنٌ نعتز به ضئيلَ الجغرافيا والديموغرافيا عظيمَ الإبداعوغرافيا، ولنا لبنانيون في الانتشار منارات مُشعّة حيثما هم، يَـحفَظون الولاءَ لبلدانهم والوفاءَ لأَرضهم الأُم ووطنهم لبنان.
إذاً: ليس لِـلبنان “دياسـﭙـورا”. اللبنانيون في العالم يشكّلون “لبنان الانتشار”، وهذا فخرٌ لنا أَن يكونوا وطناً آخر منتشراً بأَضعاف لبنان المقيم، لبناناً آخر مداه العالم الواسع، فلا حدود للبنان الانتشار عكس محدودية لبنان الإقامة.
وهنا أَقصدُ “لبنان الوطن”، مقيماً ومنتشراً، ولا أَقصد “دولة لبنان”. الفرق بين الدولة والوطن: الدولة لا تحكم إلا على مساحة أرضها (10452 كلم مربع) فقط، بينما لبنان الوطن تمتد أراضيه إلى أقاصي الأرض.
وملايين اللبنانيين، مناراتُ لبنان الانتشار في العالم، ليسوا “مطرودين” من أرضهم، ولا “مُشرَّدين” بلا وطن، بل منتمون إلى أَرضهم الأُم، ناقلون تراثَهم إلى أَبنائهم وأَحفادهم، يعودون إلى لبنانهم دَورياً أَو ظَرفياً، لهم فيه أَهل وأَصدقاء وأَماكن نوستالجيّة.
والذين بينهم يُنكرون أَو يَجحدون، لا يقصدون لبنان “الوطن” بل لبنان “الدولة” التي، منذ عُقود، لم تعمل على إبقاء لبنان صورةً بهيةً في ذاكرة المنتشرين، مع أنها غالباً واجهت ظروفاً دوليةً وإِقليميةً صعبةً قاهرةً أَشعلت في لبنان الإِقامة حروباً أَدّت إلى تهجيرات داخلية وهجرات خارجية وسّعت مساحات الـمُنتشرين في العالم.
غير أَنّ هؤلاء بالذات، وإِن أَنكروا، وإِن جحدوا، وإن كان وضعهم المعيشي والمهني ناجحاً وميسوراً في حيثما هم، لا يعتبرون أَنهم “مطرودون” من أرضهم أو “مُشرّدون” في الشَّتات، ولو كانوا عاتبين أو غاضبين على لبنان “الدولة”.
فَلْتَتَوَقَّفْ فوراً كلمة “دياسـﭙـورا لبنانية”.
وأياً يكن لبنان “الدولة”، الأهمُّ أَنّ لنا أَرضاً تَحمينا بحنانها، ووطناً يَرعانا بِحِماه، ولا مطرودَ من أَرضه إلاّ مَن جَزاؤُه أَن يَنفيه وطنُهُ وتطرُدَهُ أَرضُه إلى تَشَرُّدِ الشَّتات.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*