1070: لولاهُـما… لا أغنية!

الحلقة 1070: لــولاهُــمــا… لا أُغنية!
الأربعاء 24 تشرين الأول 2012

عطفاً على الحلقة الماضية عن بعض المغنّين وما يَـبُـثُّـونه في الناس من سقوطٍ وتفاهةٍ وانهيار قيَمٍ ومستوى في الأغنية اللبنانية، أَتَوَقَّف اليوم لنُصرة الجناحَين اللذين يحملان الصوت كي تطير بهما الأغنية، وهُـما: المؤلّف والملحّن. ونُصرتُهما لا تعني انتصاراً مطلقاً لـجَميعهما، ولا تعني إعفاء بعضهما من دورهما السلبيٍّ السَيِّئٍ في هبوط مستوى الأغنية اللبنانية لَـحناً وكلماتٍ، حين “يُتَجْرِنُ” عملَه كاتبُ النص أو واضعُ اللحن إن هو ليس على مستوى الكتابة أو التلحين.
ونُصرةُ المؤلّف والملحّن هنا تتناول الغُبْن اللاحق بحقوقهما معنوياً ومادياً، .
1) الحقوق المعنوية مغبونة بسبب إذاعاتٍ تبثُّ الأغنية معلنةً فقط اسم الصوت الذي يؤدّيها دون اسم المؤلّف والملحّن، ومغبونةٌ أيضاً لأن أصحاب الصوت نادراً ما يذكُرون في مقابلاتهم الصحافية والإعلامية اسم المؤلّف والملحّن.
2) والحقوق المادية مغبونة بسبب أَربع جهات:
أ) منتج الأغنية: وهو شركة إنتاج تدفع مئات الآلاف للمؤدّي وتقتّر بالمئات على المؤلّف والملحّن، أو يكون المنتجَ الصوتُ المؤدّي فيدفع للمؤلّف والملحّن مبلغاً مقطوعاً ضئيلاً ويمتلك حقوق الأغنية والتصرُّف بها، وهذا خطأٌ لأن المؤلّف والملحّن يسمحان للصوت أن يؤدّي عملهما ولا يتنازلان أبداً عن حقوقهما في الأغاني لقاء الأداء العلني على المسارح، أو لقاء مردود الطبع الميكانيكي في عدد الأسطوانات المباعة.
ب) الجهة الثانية هي وسيلةُ البثّ، خاصةً أو رسميةً، إذاعةً أو تلـﭭـزيوناً، ومسؤولو بعضِها لا يضعون برنامجاً يومياً لـما يبثُّونه من أُغنيات، وتالياً لا يدفعُون حصّة المؤلّف والملحّن فلا تَـعُودُ لـهُما حُقوقُهما المادية من شركة “ساسيم” وهي شركة المؤلّفين والملحّنين، مُـحَصِّلَةُ حقوقِ المؤلّف والملحّن في العالم لقاءَ استعمال أَعمالِـهِما في الإذاعات والتلـﭭـزيونات، أَو لقاءَ بيعِ شركةِ الإنتاج أَعمالَـهُما على أُسطوانات.
ج) الجهة الثالثة: متعهِّدو الحفلات الذين يدفعون مئات آلاف الدولارات للمؤَدّي غناءً ولا يدفعون نسبة مئويةً ضئيلةً هي نسبة المؤلّفين والملحّنين الشرعية، مثلما حقوقُ المؤلّفين والملحّنين في العالم ملحوظةٌ تلقائياً في كل عقدِ حفلةٍ غنائية. فكيف يمكن أن يتقاضى المغني على المسرح عشرات آلاف الدولارات لقاءَ حفلةٍ غنائيةٍ قائمةٍ كلّياً على كلمات كاتبٍ وألحان ملحّن، ولا يَستحصل منتج الحفلة على ترخيصٍ يلحظ في عقده مع المغنّي بنداً يدفع بـموجبه حقوق المؤلّفين والملحّنين؟
د) الجهة الرابعة هي أماكنُ استعمال الموسيقى والأغاني من مطاعم ومَقاهٍ وحانات وعُلب ليل، يدفع أولياؤُها مبالغَ ضخمةً إيجارَ مكانٍ وأُجورَ موظّفين كبار ومأجورين صغار ورواتبَ عمّالٍ وُصُولاً إلى عامل التنظيفات، ولا يدفعون حقوق المؤلّف والملحّن اللذَين على أَعمالهما يقوم مدخول تلك الأماكن التي لا يقصدُها الزبائن لولا المؤلّفاتُ الموسيقية والغنائية، وخصوصاً عُلَبُ الليل التي برامجها الراقصةُ كلُّها قائمةٌ على أَعمال مؤلّفين وملحّنين. فكيف يمكن أن يَجني أَصحاب هذه المرابع ثرواتٍ يوميةً من مدخول الزبائن، ولا يدفعون مبالغَ ضئيلةً حقوقَ مؤلّف وملحّن قد يكونان في حاجة قصوى إلى هذه المبالغ البسيطة؟
لا يجوز أن يستأْثرَ الأَداءُ الغنائيُّ وحده بالحقوق المادية والمعنوية. فالمؤلّف والملحّن هما جناحَا الأغنية. لولاهما لا أُغنية. لذا يجب أن تَصلَهما حقوقُهما لأن الصوتَ وحده لا يصنَع الأغنية، تماماً كالعطر وحدَه لا وجودَ له لولا شفاهُ الوردة.
فلنُكْرمِ الوردةَ بحقوقِها حتى يظلَّ للناس أَن يتمتَّعُوا بِشَمِيم العطْر.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*