حرف من كتاب- الحلقة 61
“لبنان مصوَّراً بطوابعه”- الطبيب الدكتور جوزف حاتم
الأحـد 8 نيسان 2012

بأناقةِ علبةٍ حاضنة، وغلافٍ يلتفُّ مثلَّثاً على ثلاث لغات، وإخراج لافتٍ بأوراقٍ منفصلةٍ كما في دفتر مدرسيّ ذي سِلْكٍ جامع، أصدرَت منشورات “درغام” في بيروت كتاب “لبنان مُصَوَّراً بطوابعه” للطبيب الدكتور جوزف حاتم، وهو باكورة مؤلفاته، قبل كتابه الثاني، لدى منشورات درغام كذلك، “ستُّون عاماً بالبُرْنُس الأبيض” (بالفرنسية، وهو حصيلة حياته المهنية طبيباً).
كان يمكن أن يكتفي المؤلِّف بـجمْع الطوابع ونشرها مع تعليقٍ يبقي الأولوية للطابع. غير أنه، وهو الطبيب الاختصاصيّ بالبيولوجيا (علم الأحياء) شاء إحياء تراث لبنان وتاريخه من خلال طابعٍ وتاريخه ومدلوله ومعناه، رسالةً منه إلى جيل بلاده الجديد كي لا ينسى جذوره اللبنانية، وبدأ بإهدائِهِ كتابَهُ إلى أحفاده الأميركيين الثلاثة والفرنسيَّين والكنديّ.
وفي حِرَفِيَّة مهنتِهِ خبيرَ مختبرات، قَطَّر صفحاتِ كتابِه بدقَّة المعايير، بدءاً من عرض تاريخ الطوابع منذ أول طابع استنبطه رولَنْد هِلّْ وصدر بريدياً للمرة الأُولى من لندن في 6 أيار 1840، وتبنّت استعماله سويسرا والبرازيل سنة 1843 وفرنسا سنة 1849، ثم انتشر في العالم، وصولاً إلى لبنان وصدور الطوابع فيه للمرة الأُولى سنة 1924 مطبوعةً في فرنسا، ثم بتصاميم الرسام فيليب موراني سنة 1936. ولم تبدأ طباعتُها في لبنان إلاّ سنة 1942 بلوحات من مصطفى فروخ وسواه من مبدعي الفن التشكيلي اللبناني.
وفي استهلالٍ تتصدره عبارة مِتِرْنيخ عن لبنان أنه “بلد صغير لكنه مهم جداً”، كشَف المؤلّف أن الهدف من كتابه – انطلاقاً من الطوابع- هو سَرْدُ تاريخِ لبنان وتراثِه وحياةِ المجتمعِ اللبناني وعلاقاتِه بالعالم.
بعد المقدمة ومقطع “الجمال” من كتاب جبران “النبيّ”، ينطلق المؤلف في كتابه بخمسة فصول غنية بالطوابع ومدلولاتها.
الفصل الأول: “لبنان المعاصر – محطات تاريخية” تناول فيه، عبر الطوابع، فترات الإمارة المعنية فالشهابية فالمتصرفية فالحرب العالمية الأولى، فولادة دولة لبنان الكبير، فالحرب العالمية الثانية، فاستقلال لبنان، فرؤساء الاستقلال، فجيش لبنان، فعلَم لبنان، فالصليب الأحمر اللبناني، فشهداء من أجل لبنان.
الفصل الثاني: “لبنان في إطاره العربي والعالـمي” فيه طوابع لبنانية ذات صلةٍ بـجامعة الدول العربية، إلى المنظمات العربية فالرياضة العربية فمنظمات الأمم المتحدة ومؤسساتها.
الفصل الثالث: “تراثُ لبنان” عرض طوابعَ ذات صلة بالأرز وأبـجدية جبيل، وبيروت أم الشرائع، وتراث الآثار والعمارة، والأبنية العثمانية والأبنية الحديثة، وتراث الحرير، والإرث الطبيعي، وأعلام لبنانيين، ولوحات رسامين لبنانيين.
الفصل الرابع: “لبنان – حياة ومجتمع”، وفيه طوابع عن الهجرة اللبنانية، ومهرجانات بعلبك، والطيران والرياضة والسياحة والصحة والبيئة ومشاريع التنمية المستدامة.
الفصل الخامس الأخير “لبنان والعالم”، لطوابعَ عن الجناح اللبناني في معرض ﭘـاريس 1937، ومشاركات لبنان بطوابعه في اليوم العالمي للأمومة (1960)، واليوم العالمي للطفولة (1966)، ويوم المرأة العربية (2002)، والألعاب الأولمبية، والاتحاد البريدي العالمي، إلى آخر إصدارات 2008 و2009 انتهاءً بطابع “بــيروت 2009 عاصمة عالمية للكتاب”.
وبين الفصل والفصل نصوصٌ من ناديا تويني وسعيد عقل وهكتور خلاط وشارل قرم وآخرين من مبدعي الفكر والأدب في لبنان.
“لبنان مصوَّراً بطوابعه” للدكتور جوزف حاتم ليس إرثاً للبنان عبر طوابعه وحَسْب، بل ذاكرةٌ عالمية للبنان، ينطلق منه طابعٌ عن تاريخه وإرثه وتراثه فينتشر في العالم على بطاقة بريدية، على ظرف رسالة، على هامة كتاب، ليظلّ لبنان في العالم هذا البلد الذي قال عنه مِتِرْنيخ إنه “صغير فعلاً” لكنه – بإرثه وتراثه وتاريخه – وطنٌ غيرُ عاديٍّ على خارطة العالم.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*