الحلقة 1019: مادةٌ سهلةٌ للضُّعفاء فيها
الأربعاء 26 تشرين الأول 2011
ما إن صدر الجُزءُ الأوّل من هذه السلسلة سنة 1991 في الولايات المتّحدة (أي قبل عشرين سنة) لدى منشورات “الأُولى” (Editions First) حتى تَهافتَ عليه القرّاء، وسرعان ما صدرت الأجزاءُ التاليةُ متتابعةً متعددةَ المواضيع في الأسلوب ذاته. ولم يقتصر الأمر على القرّاء بل تَهافتَت دورُ النشر في العالم على نيل حقوق النشر وللترجمة، واندلعَت هذه السلسلة لدى بلدان أخرى في لُغاتِها، أَبرزُها اليوم: إسپانيا، بلغاريا، كندا، فرنسا، الصين، المملكة المتحدة، هولندا، إستونيا، ألْمانيا، اليونان، الپرتغال، روسيا، إيطاليا، وصربيا.
السلسلة هي: “مادة “كذا” للضعفاء فيها”. وكان الجزء الأول الذي أطلق الشرارة: “الكومپيوتر للضعفاء فيه” يُدَرِّبُ قُرَّاءه على استخدام الكومپيوتر في طريقة مُبَسَّطةٍ عادية مع صُوَرٍ ورُسوم وطرائق مساعدة، توصل القارئ في ختام الكتاب إلى معرفة استخدام الكومپيوتر من دون عناءٍ، ومن دون دليل أو مدرب أو معلّم.
على هذا النحو، وفي جميع لُغات البلدان التي ذكرْتُها، وصَلَت إلى قرائها كتُبُ: “الفرنسية للضعفاء فيها”، و”الثورة الفرنسية للضعفاء فيها”، و”تاريخ فرنسا للضعفاء فيه” وسواها. وهكذا، وفْق اللغات والبلدان، صدرَت كتُبٌ للضعفاء في نحو خمسين موضوعاً، بينها: البيئة، تاريخ العلوم، الطبخ، النبيذ، برامج الكومپيوتر، الموسيقى، الغيتار والپيانو وبعض الآلات الأخرى، الرياضة وبعض أنواعها، الثقافة العامة، الخِيَاطة، اليوغا، الفلسفة، العصور الوسطى، الفلك، علم الفضاء، تاريخ الطيران، الفيزياء، الرياضيات، الاختراعات الحديثة، آخر اكتشافات التكنولوجيا، وسواها وسواها من مواضيعَ تَصدُر في تبسيطٍ لُغَويٍّ وتفهيميّ يُقَرِّب المادة، مهما تكن صعبة، من ذائقة القارئ المتلقي، فتتقدَّم إليه المعرفة بأقلِّ عناءٍ وأسرعِ فائدةٍ وأمتعِ وقت.
ويتعمَّد المسؤولون عن هذه السلسلة أن يُمتّعوا القارئ، مرةً بنكتةٍ حول الموضوع، مرة بحكايةٍ طريفة، ومرات بصُوَرٍ ورسومٍ بيانيةٍ أو كاريكاتورية، كي يَجعلوا العلْمَ لذَّةً والتعلُّمَ متعةً، فيصبح تَلَقّي المعلومة فُسحةً ذهنيةً، ونُزهةً عقليةً، وتسليةً مَعرفيةً لا تثقِّف قارئها فقط، بل تَنهَض بشعبٍ كاملٍ صوبَ الثقافة والعلْم والمعرفة.
بلى: أمام دُور النشر عندنا، طرُقٌ كثيرةٌ وطرائقُ ووسائطُ رديفةٌ ومساعِدةٌ، يُمكنهم بِها أَن يَبْلُغوا أَوسعَ مساحةٍ من القرّاء، فيُفيدوا مُتَلَقِّيهم، ويُساعدوا على نشْر الثقافة والمعرفة بآلاف النسخ ولا كساد، فلا يعود الكتابُ ثانوياً، ولا استعمالُهُ رازحاً، بل يُصبحُ ملازماً أَحدثَ التكنولوجيات المعاصِرة وتَفَرُّعاتِها.
أَقولُ هذا عن الكتاب، وبيروتُ تُهيِّئُ له عُرسَين: بَعد يومين افتتاحُ معرض الكتاب الفرنكوفوني، وبعدَ أَسابيعَ قليلةٍ معرض الكتاب العربي والدولي. فلْيَكُنِ ارتيادُ هذين المعرضَين عَلامةً لنا، كَشعبٍ وَكَوَطَن، أنَّ نَهْلَ المعرفة يَبدأُ أَوَّلاً من الكتاب، وينتهي آخِراً معه، وكلُّ ينبوعِ مَعرفةٍ أُخرى، سوفَ يبقى بَينَ بَين.