حرف من كتاب- الحلقة 23
“محميَّة الشوف المحيط الحيويّ- أرزٌ وناس”- مجموعة باحثين
الأحد 17 تموز 2011

         في طبعةٍ أنيقةٍ على ورقٍ مُدَوَّر من 112 صفحة، أصدرَت محمية الشوف كتابَها البيئيّ السياحيّ “مَحمية الشوف المحيط الحيويّ- أرزٌ وناس” في ثلاث لغات العربية والفرنسية والإنكليزية.
إلى الصُّوَر الجميلة الْمُتْقَنَة تتوزَّعُ صفحاتٍ كاملةً أو نصف صفحات، يزخرُ الكتاب بضمونٍ علميٍّ سَلِسٍ واضح، أَوَّلُهُ خارطةُ المحمية الممتدّة من حمّانا وضهر البيدر شمالاً إلى مشغرة وعين التينة جنوباً، وصولاً في آخر الكتاب إلى نصائحَ لوجستية عَمَليةٍ للسيّاح والزوّار.
وبين البدء والخاتمة فصولٌ تتعاقَبُ عن: جغرافيا لبنان ومناخِه، تنوّعه البيولوجي، غناه البيئي عبر إحدى عشْرةَ مَحميّةً فيه هي محميات: أرز الشوف، بنتاعل، حرج إهدن، جزُر النخيل، أرز تنورين، شاطئ صور، اليمّونة، شننعير، وادي الحُجير، جبل موسى، وجبل الريحان، مع صورٍ عامةٍ لهذه المحميات.
في تاريخ محمية الشوف أنّها ولدت عام 1996، تُديرها “لجنة محمية أرز الشوف” تعاوناً مع “جمعية أرز الشوف” في إشراف وزارة البيئة، واعتمدَتْها منظّمة الأونسكو سنة 2005 “مَحميةَ مُحيطٍ حيويّ مشهورةٍ بغابات الأرز الثلاث: أرز معاصر الشوف، أرز الباروك وأرز عين زحلتة بمهرَيه، مساحتُها وحدها ربعُ ما تبَقّى من غابات الأرز في لبنان”.
وبعدما تتوالى صوَرُ المحمية بِجمالِها: خريفاً ذهبياً، شتاءً ثلجياً، ربيعاً زهرياً، وصيفاً جمالياً، يُفصِّلُ الكتاب ما في المحمية من حياةٍ بريّة، بين نباتٍ (520 نوعاً بينها البلّوط والأرْز اللبناني والخبّيزة والسوسَن)، وثَدْيِيّات (بينها هرّ النمر والذئب والسنجاب)، وطيور (نحو 250 نوعاً بينها الحجل وأبو زريق والهُدهد)، وزواحف (بينها الحرباء والسقّاية والسلحفاة)، وبرمائيات (29 نوعاً).
وتَعْبُرُ الكتابَ صورٌ أخّاذةٌ لأنواع الفراشات من كلِّ لونٍ وشكلٍ وجمال.
ويخلص الفصل الأخير إلى الناس في المحمية، ودورِهم في حماية الإرث الطبيعيّ والحضاريّ في منطقة الشوف: هنا حدّادٌ فنيّ، هنا نحّاتٌ جماليّ، فمرشِدٌ مَحليّ، فخبيرُ نحل، فنَحّات خشب، فحيّاكٌ على النّول القديم، فمُزارعٌ ينتج المنتجات التقليدية، فبيت ضيافةٍ مميزٌ، فحارسٌ شجرَ الأرز.
وينتهي الكتاب صُوَراً ونصوصاً بِـزيارة المحميّة دخولاً إليها من مداخلها الأربعة: غابة أرز عين زحلتا بمهرَيه، غابة أرز الباروك، غابة أرز معاصر الشوف، وقلعة نيحا التاريخية. ويمكن الزائر أو السائح أن يمشي خمسة أيام على دروب المحمية،
وهي جزء من “درب الجبل اللبناني”، فيزور معالم القرى المحيطة، ويقيم في بيوت الضيافة، ويتذوّق الطعام التقليدي اللبناني.
ومن لا يستطيع المشي يُمكنه التنقُّل على درّاجات هوائية ثنايا المحمية التي تعتزُّ بأنّ في كَنَفِها قلعةَ “شقيف تيرون” أو “قلعة نيحا” في الجزء الجنوبي الغربي من هذه المحمية الطبيعية الجميلة. وهي القلعة التي اختبأ فيها فترةً فخر الدين الثاني قبل أن ينتقل إلى مغارة جزين ويشي به أحد الجنود حتى اعتقلته السلطات العثمانية واقتادته إلى اسطنبول.
وفي جوار المحمية قرىً لبنانيةٌ يَجملُ بالسائح زيارتها، مثل عين زحلتا ودير القمر والباروك وقصر بيت الدين ومسجد فخر الدين الأول، وكنائس قديمة وقصر موسى ومتحف الشمع ومغارة كفرحيم ومغارة عين وزين.
وشرقاً يمكن السائح أن يطلَّ على وادي البقاع فيزور مصانع النبيذ ومستنقعات عمّيق وبحيرة القرعون.
كتاب “مَحمية الشوف المحيط الحيويّ- أرزٌ وناس” مرجَعٌ سياحيٌّ بيئيٌّ يُفرِح قلب اللبناني والسائح الأجنبي ويشُدُّه إلى زيارة هذه المحمية ذات المحيط الحيوي، وهي نقطةُ ضوءٍ جميلةٌ من نقاطٍ بهيةٍ جميلةٍ يزخر بها لبنان الطبيعة والجمال، فريداً بها، علامةً له دائمةً إذا أحسنّا الحفاظ عليها، فيبقى فيها الضوءُ الجميل ويبقى فيها خالداً جمالُ لبنان.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

*